ترك تنظيم داعش الإرهابي بصمته في بلدة تلاتايت شمالي مالي، في مذبحة كبرى تخللتها أعمال حرق ونهب وتجويع، في إطار صراع فرض السيطرة والنفوذ على مناطق حدودية مع تنظيم القاعدة وحركات إرهابية محلية.
وبوصف خبراء تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن "مذبحة تلاتايت هي صورة لاستراتيجية الرعب التي فجرها وتدرب عليها التنظيم في سوريا والعراق، وينقلها إلى غرب إفريقيا لتحقيق أجندة أطراف خارجية".
ماذا حدث في تلاتايت؟
- ارتكب داعش المذبحة، الأسبوع الماضي، عقب صراع ثلاثي في بلدية تلاتايت على بعد 150 كيلومترا من غاوا شمالي مالي، بين "داعش الصحراء" (فرع داعش في غرب إفريقيا)، وجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، التابعة لتنظيم القاعدة، وحركة "إنقاذ أزواد" (MSA) المدعومة من الجيش المالي، وكل طرف هدفه السيطرة على تلاتايت.
- مصادر ذكرت لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه بعد المعارك، "قتل داعش أكثر من 30 مدنيا، و3 مقاتلين من بينهم ضابط من حركة إنقاذ أزواد "MSA"، كما ارتكب جرائم حرق وتدمير وتجويع".
- "داعش اضطر للانسحاب، إثر وصول تعزيزات لحركة (MSA) التي يقودها موسى أغ أشغتمان"، حسب المصادر.
- أصبحت تلاتايت الآن تحت سيطرة حركة "إنقاذ أزواد"، التي بدأت تقديم المساعدات لعائلات ضحايا مذبحة داعش وأهالي البلدة، وصرحت بأنها "وجدت النساء والأطفال دون طعام لمدة يومين، بعدما نهب داعش المنطقة، وأحرق المحلات التجارية".
أهداف "استراتيجية الرعب"
وعن حرص "داعش" على ارتكاب المذابح والنهب والحرق ضد المدنيين، يعلق ممثل "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" في موريتانيا، السيد بن بيلا، بأن:
- "التنظيم يمارس نهج الرعب والترهيب للسكان، لإجبارهم على طاعته، استمرارا لطريقته في العراق وسوريا وغيرهما".
- ويشير بن بيلا إلى "هدف أبعد، وهو أن داعش يريد خلق مجال جغرافي واسع له في مثلث الحدود بين مالي والنيجر والجزائر، أو بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، لتحقيق حلمه بتأسيس إمارة داعشية".
من جانبه، يقول العضو المؤسس في "الحركة الوطنية لتحرير أزواد"، بكاي أغ حمد:
- "داعش يسعى للسيطرة على مناطق قريبة من الحدود مع النيجر وبوركينا فاسو، لتسهيل تهريب الأسلحة والمقاتلين والبضائع والمهاجرين غير الشرعيين، ويستخدم كل أدواته لذلك، ومن بينها التهجير".
- من أهداف داعش كذلك "تهجير السكان في أماكن بعينها، بالاتفاق مع أطراف خارجية، تمهيدا لاستغلال ما بها من نفط وغاز".
عوائق التعاون ضد داعش
وعن فرص تعاون حركات إقليم أزواد أمام الإرهابيين، يوضح بن بيلا، أن "تنسيقية الحركات الأزوادية" (سيما) "على استعداد تام للتعاون مع الكل للدفاع عن الإقليم، بشرط الاتفاق على تصور سياسي لإقليم أزواد، والوقوف صفا واحدا في وجه الغرباء بغض النظر عن مسمياتهم".
لكنه يشير إلى ما يعتبره "عائقا"، وهو أن سيما "طرحت فكرة للتنسيق بين الحركات الأزوادية، في إطار تصور موحد لمن هو العدو، إلا أن حركات (بلات فورم) لم توافقهم الطرح".
كما يوجد عائق آخر، حسب بن بيلا، وهو "ضعف التنسيق بين بعض الحركات الأزوادية والجيش المالي لغياب الثقة بين الجانبين؛ حيث يتهم الجيش هذه الحركات بالسعي لفصل إقليم أزواد عن الدولة، فيما تتهم هذه الحركات الجيش باضطهادها".
وتصاعد الإرهاب في بوركينا فاسو ومالي وغرب النيجر بشكل أسرع من أي منطقة أخرى في إفريقيا، بزيادة 140 بالمئة منذ عام 2020.
وأسفر هذا عن مقتل 8 آلاف شخص، ونزوح 2.5 مليون، ووفقا لتقرير مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية، ومقره واشنطن، فيما وصل عدد ضحايا هجمات تنظيم داعش وحده، خلال 2022، إلى حوالي ألف قتيل.