بعد الأزمة الصحية المرتبطة بـ"كوفيد-19" والحرب في أوكرانيا وارتفاع الأسعار في فرنسا، لم يعد من السهل على الطلاب الأجانب مجاراة ظروف الحياة الدراسية الصعبة، خصوصا في منطقة "إيل دو فرانس"، وسط شمال البلد الأوروبي..
وباتت الكثير من النفقات تثقل كاهل الطالب الفرنسي والأجنبي، في ظل الزيادة في الأسعار وارتفاع تكلفة الإيجار والرسوم الدراسية ومصاريف النقل.
ووفقًا للمسح الثامن عشر حول تكلفة المعيشة الذي أجراه الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا (UNEF)، ونُشر يوم الاثنين 15 أغسطس، "في عام 2022 ، ارتفعت تكلفة معيشة الطلاب بنسبة 6.47 في المئة وارتفع إنفاق الطلاب بمقدار 428 يورو سنويًا ، أو 35 يورو شهريًا".
السكن يلتهم حصة الأسد
وفي اتصال مع نائبة رئيس الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا، سامية مختار، أكدت لموقع "سكاي نيوز عربية أن الإيجار يمثل بالنسبة للطلاب "حصة الأسد من الإنفاق".
وتوضح،" يمثل الإيجار 55 في المئة من إجمالي ميزانية الطالب في فرنسا. إذ يبلغ متوسط سعر الإيجار للطالب 664 يورو على المستوى الوطني. وفي المدن الكبرى، تصل هذه الزيادة في الإيجارات إلى 2.4 في المئة. وتهيمن باريس إلى حد كبير على ترتيب أغلى المدن بالنسبة للطلاب الفرنسيين والأجانب".
وبحسب الدراسة التي قدمها الاتحاد، من بين 47 مدينة جامعية في فرنسا، تحتل المدن المتواجدة في إيل دو فرانس وباريس المراتب الأولى بالنسبة للمدن الأكثر غلاء في فرنسا ثم تأتي مدينة نيس وليون.
وهذا ما يؤكده طالب الماجستير المغربي، يوسف العامري ذو الـ25 عاما لموقع "سكاي نيوز عربية". "لقد ارتفعت أسعار الإيجار بشكل كبير في "إيل دو فرانس". أدفع 650 يورو شهريا ثمنا لغرفة لا تتعدى مساحتها 20 متر مربع. وللحصول على سكن يجب تقديم رزمة وثائق إدارية لتزرع الثقة في قلب صاحب الشقة أو الغرفة، هذا بالإضافة إلى تقديم وديعة إيجار قد تعاد إلي بعد شهرين من تغييري محل إقامتي حاليا".
من جانبه، وقبل إتمامه سنته الخامسة في كلية الطب، قرر الطالب التونسي، محمد حاجي وشريكه في السكن إضافة شخص ثالث اعتبارًا من شهر سبتمبر المقبل لتقاسم أعباء الإيجار. "أصبح من الصعب علي تقاسم إيجار يبلغ 1300 يورو. أجبرنا على تغيير ديكور البيت. لم نعد نتوفر على غرفة معيشة لأنها ستصبح غرفة نوم طالب جديد. سنتناول الطعام في غرفنا الصغيرة ونتشارك المطبخ والحمام نحن الثلاثة".
"وجبة واحدة لتخفيض الميزانية"
"كنت أتجنب الاتصال بعائلتي بالفيديو، لأنهم في كل مرة كانوا يلاحظون انخفاض وزني. تحججت بضغط الامتحانات وقلة النوم لكن في الحقيقة كنت أتناول وجبة واحدة في اليوم. لم أكن أريد لأبي أن يتألم أكثر، يكفيه ما يجري في لبنان". هكذا تحكي طالبة الأدب في جامعة السربون، ربا عندالي بأسف لموقع "سكاي نيوز عربية".
وبلغة الأرقام، لتناول الطعام، سيتعين على الطلاب أن يدفعوا في بداية العام الدراسي القادم ما بين 10 و14 يورو إضافية كل شهر، حسب تقديرات الاتحاد الوطني لطلاب فرنسا.
وتقول في هذا الشأن نائبة رئيس الاتحاد: "إن تغذية الطالب بشكل صحيح وصحي أصبحت أكثر تعقيدًا. فأسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل كبير. على سبيل المثال، زادت بنسبة 15 في المئة خلال عام واحد بالنسبة للمعكرونة و 23 في المئة للقهوة. ربما هذا ما يفسر صور الطوابير الطويلة للطلاب الأجانب والفرنسيين أمام الجمعيات والمنظمات التي تتبرع ببعض المواد الغذائية لهذه الفئة المهمة من المجتمع".
وضع صعب
وترى سامية مختار أن "الطالب الأجنبي أيا كانت جنسيته، يتحمل كل هذه المصاريف والأعباء اليومية وعليه أيضا أن يدفع مصاريف التأشيرة والطائرة ومصاريف التسجيل الجامعي ويبحث عن السكن ويأكل ويشرب من ماله الخاص. هذا أمر متعب وشاق في حقه وحق الآباء".
وتتابع، "لهذا دعا الاتحاد إلى توفير نظام اجتماعي لا يستثني الطلاب الأجانب ولا يهتم بالجنسيات، يسمح لهم بالحصول على منح ومساعدات مع منحهم حق العمل بشكل أوسع حتى نضمن لهم العيش الكريم. كما يجب أن يدخلوا الجامعات التي يفضلونها وليس تلك التي تفرضها التكاليف. لأنه منذ عام 2019، عرفت رسوم التسجيل في بعض الجامعات الفرنسية بالنسبة للطلاب الأجانب ارتفاعا ملحوظا".