تنافس يشتد بين القوى الكبرى في منطقة القطب الشمالي بهدف السيطرة على ثروات تقدّر بآلاف المليارات مِن الدولارات، منافسة قد تذيب درجة حرارتها الجليد بقدر ما يذيبه الاحتباس الحراري.

وما بين بعثات علمية ومناورات عسكرية وتحركات دبلوماسية كثرت المحاولات الأميركية والروسية والصينية لإقامة مناطق استيطان أو توسع لاكتناز المخزونات تحت الجليد، فيما توالت التحذيرات والدعوات إلى تجنب "عسكرة" القطب الشمالي.

وبينما يحدد المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي "الناتو" قدرات روسيا في أقصى الشمال على أنها تحدٍّ استراتيجي للتحالف بأكمله، تنص العقيدة البحرية الروسية الجديدة على أن القطب الشمالي "يتحول إلى منطقة منافسة دولية، ليس فقط من وجهة نظر اقتصادية، لكن أيضًا من وجهة نظر عسكرية".

منطقة القطب الشمالي

  • أقصى شمال الكرة الأرضية وتلامس 3 قارات آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية
  • المساحة: 14 مليون كيلو متر مربع
  • تطل عليه 5 دول هي: روسيا والنرويج والدنمارك والولايات المتحدة وكندا
  • تملك روسيا الإطلالة الأكبر بما يتجاوز 50 بالمئة من سواحل القطب الشمالي
  • أسهم الاحتباس الحراري في زيادة شهية القوى الكبرى في المنطقة بعد ذوبان الجليد
  • خلال العقود الأربعة الماضية تقلصت مساحة وحجم الجليد في المنطقة بنسبة 35 بالمئة
  • يتوقع العلماء بأن يصبح المحيط الشمالي خاليًا من الجليد قبل 2050 أو قبلها بقليل
  • مساحات واسعة من المياه بدأت تتكشف وبدأت معها إمكانية التنقيب والملاحة عبر تلك الممرات
  • بدأت في المنطقة أنشطة اقتصادية وتجارية وعسكرية كانت مستحيلة قبيل ذوبان الجليد

لماذا الصراع؟ في 2015 صدرت دراسة عن جامعة "ستانفورد" الأميركية قدرت أن المنطقة:

  • تحوي 90 مليار برميل من النفط (ما يوازي 15 بالمئة من حجم احتياطات العالم).
  • 17 تريليون قدم مكعب من الغاز (30 بالمئة من الاحتياطي العالمي).
  • 44 مليار برميل من الغاز المسار (26 بالمئة من الاحتياطي العالمي).
  • كميات هائلة من النيكل والماس والزنك إضافة إلى ما يعرف بالعناصر الطبيعية النادرة، وهي المواد التي تستخدم في صناعات مختلفة بينها الصناعات العسكرية.

أخبار ذات صلة

الخارجية الأميركية تستحدث منصب سفير للقطب الشمالي
الناتو يدق ناقوس خطر "القطب الشمالي".. العالم يحبس أنفاسه
الاحترار العالمي يتزايد.. وروسيا تحرق كميات هائلة من الغاز
مجلس القطب الشمالي يثير غضب روسيا.. لماذا؟

بداية الأزمة

  • 2007، أطلقت روسيا غواصتين لزرع علم لها في المنطقة، وهي الخطوة التي قوبلت بانتقادات غربية.
  • لم تكتفِ روسيا بذلك، بل ألحقته بتحركات علمية وقانونية عبر إرسال بعثات علمية فوق وتحت القطب الشمالي.
  • طالبت روسيا في خطاب للأمم المتحدة بأحقيتها في مساحة إضافية تعادل مساحة فرنسا وألمانيا معًا.
  • عززت قدرة أسطول الشمال وأدخلت إليه أسلحة فتاكة، بينها "الطوربيد بوسيدون" ذو القدرات النووية الهائلة.
  • كندا أيضًا التي تعد ثاني أكبر دولة إطلالة على المنطقة أنفقت 7 مليارات دولار لبناء أسطول للدفاع عن مصالحها.
  • الولايات المتحدة زادت من بعثاتها العملية والعسكرية وتعزيز علاقاتها مع دول الشمال الأوروبي وسعت لشراء جزيرة غرينلاند.
  • الصين عملت على بناء أول كاسحة جليدية تعمل بالطاقة النووية ووقعت اتفاقيات مع روسيا للتنقيب عن النفط والغاز، في محاولةٍ لخلق تحالف بين الجانبين لمواجهة أي تحالف غربي.
  • مارس 2022، الناتو يجري أكبر تدريبات عسكرية "الاستجابة الباردة".
  • يونيو 2022 تعليق عضوية روسيا بمجلس القطب لشمالي جراء حرب أوكرانيا.
  • أغسطس 2022، لأول مرة، واشنطن تعيّن سفيرًا متجولًا في القطب الشمالي.

ماذا يعني تعيين أميركا سفيرًا للمنطقة؟

منطقة القطب الشمالي، وفق الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الدولية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان، باتت على مدار العقود الماضية موقعًا جيوسياسيًّا استراتيجيًّا، سواء من حيث السباق على الموارد الطبيعية أو كمسارات جغرافية للتجارة الدولية بما في ذلك شحنات النفط.

تسوكرمان أوضحت لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن المنطقة أصبحت ساحة معركة للعديد من البلدان، بدءًا من النرويج إلى روسيا والصين والولايات المتحدة، حيث أدى ذوبان الغطاء الجليدي في القطب الشمالي إلى جعل المنطقة أكثر سهولة للشحن وكذلك استخراج النفط والغاز، مما جعل البلدان المجاورة والنائية تسعى إليها بشكل متزايد.

وحول تعيين واشنطن سفيرًا في المنطقة، قالت إنها خطوة تكشف الأهمية المتزايدة للمنطقة للاقتصاد العالمي وكونها نقطة استراتيجية للمنافسة بين القوى العظمى. تسعى الولايات المتحدة إلى ممارسة نفوذها وضمان تعاون السكان المحليين، فضلًا عن التنسيق مع الدول الأخرى العاملة في المنطقة المجاورة من خلال إقامة وجود دبلوماسي، تنشئ الولايات المتحدة إطارًا رسميًّا وأكثر كفاءة للتعاون الدولي ولتحديد أمنها القومي ومصالحها الاقتصادية.

السيناريو الأكثر واقعية للمستقبل المنظور، وفق تسوكرمان، هو قدر كبير من التوترات السياسية، وربما أعمال التخريب غير المتكافئة السرية من قبل بعض الأطراف التي لا ترقى مع ذلك إلى مستوى الهجمات المباشرة أو المميتة على القدرات أو المصالح الرئيسية للخصوم.

ونقل موقع "غازيتا رو" الروسي عن الخبير العسكري والباحث في الشؤون السياسية، فاليري فولكوف، قوله: "يؤدي الافتقار إلى الاتصال المتبادل إلى مضاعفة المخاطر. ليس حتى بسبب نية شريرة، إنما بسبب عدم التنسيق".

وأضاف: "يمكن أن تلتقي قواتنا وقوات الحلف في المكان نفسه. وقد تعطلت الاتصالات، ليس فقط عبر مجلس القطب الشمالي، إنما والعديد من مجموعات العمل التابعة لمجلس روسيا-الناتو. من المهم الآن أن نسمع بعضنا البعض، حتى لو كانت المواقف متعارضة، وألّا تنقطع الاتصالات".