فتحت إيران آفاقا جديدة في علاقتها بدولة مالي، مع اشتراك البلدين في سياسة "مواجهة القوى الغربية" والعقوبات، والحاجة لتوسيع دائرة الحلفاء، وحاجة مالي للخروج من العزلة المفروضة عليها منذ الانقلاب العسكري الأخير.

ووفق محللين سياسيين تحدثوا لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن التواجد الإيراني في مالي ليس جديدا، ولكن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني، حسن أمير عبد اللهيان، لها دلالاتها فيما يخص التوقيت، وإعادة رسم خارطة النفوذ الدولية بعد الحرب الروسية الأوكرانية.

مواجهة الإرهاب والغرب

عبد اللهيان الذي زار باماكو على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع، الإثنين والثلاثاء، ركّز على بحث ملفات الإرهاب والضغوط الغربية والعزلة المفروضة على مالي بعد الانقلاب العسكري لعام 2021؛ حيث عرض أمام رئيس المجلس العسكري المالي الحاكم، الكولونيل أسيمي غويتا، التجربة الإيرانية في محاربة إرهابيين مثل داعش، ومواجهة طهران للعقوبات الغربية.

وقال وزير خارجية إيران: "لا نعتبر العقوبات المفروضة على مالي بناءة".

ورحب غويتا بالاتفاقات، وأشاد بتجربة طهران في مواجهة العقوبات، مؤكدا استعداد باماكو لاستقبال الصناعات الإيرانية، وفقا لما نشره موقع وزارة الخارجية الإيرانية.

وفي هذا الاتجاه، وقَّع عبد اللهيان ونظيره المالي عبد الله ديوب مذكرة تفاهم خاصة باللجنة المشتركة الأولى للتعاون الشامل، وكشف مساعي طهران لإقامة معرض "علمي- صناعي" في باماكو، وذلك عقب زيارته مقر الهلال الأحمر الإيراني في باماكو، وإعلانه تبرع بلاده بمليون جرعة من لقاح كوفيد -19، وتم تسليم جزء من هذه الشحنة خلال الزيارة.

أخبار ذات صلة

الطائفية.. سلاح طهران للتوغل في أفريقيا
"التدخل الإيراني" يتصدر مباحثات بومبيو خلال زيارته المغرب

 

عن ماذا تبحث طهران في مالي؟

يربط الباحث في الشؤون الإفريقية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل، بين توقيت الزيارة ومباحثات الاتفاق النووي بين طهران والدول الغربية، إضافة لتعاظم دور روسيا في مالي عقب خروج القوات الفرنسية.

وزيارة عبد اللهيان جزء من تشكيل سياسي يقاوم السياسيات الغربية، وخاصة عقب الحرب الروسية الأوكرانية، وفقا " أغ إسماعيل".

وتسعى إيران لكسب مزيد من الحلفاء والأصدقاء؛ ما يساعدها في المفاوضات النووية وغيرها، وكذلك تريد مالي زيادة حلفاءها بعيدا عن الغرب، يواصل "آغ إسماعيل".

وتعاني مالي من الجماعات الإرهابية التي تسيطر على مساحات واسعة من شمال البلاد، ولذا يرى الباحث في الشؤون الأفريقية، أن طهران تسعى لضم مالي إلى سوق السلاح الإيراني، عبر بيع "المسيّرات"، جوهرة هذا السلاح، لها لتساعدها في مواجهة الإرهابيين.

ويختتم "آغ إسماعيل" بأنه يمكن القول إن زيارة عبد اللهيان تستفيد من المشاعر المالية المتصاعدة ضد الغرب، وتحذو طهران حذو بقية الدول في التنافس على أفريقيا.

وسبق جولة عبد اللهيان في أفريقيا، جولات قام بها مسؤولون فرنسيون وأميركيون وروس، في إطار التنافس حول حصص أكبر من المود الخام الطبيعة ومصادر الطاقة وسوق السلاح.

مغزى "التعاون القوي"

المحلل المتخصص في منطقة الساحل وغرب إفريقيا، غوتييه باسكيت، يلفت إلى مغزى تكرار مصطلح "تعاون قوي" كثيرًا في جلسة "غويتا- عبد اللهيان"، كما لو كان تأهيلا لتقريب ما بين البلدين لمستوى الشراكة في الأمن، ومكافحة الإرهاب، والصحة، والتعليم، والبحث العلمي، والتكنولوجيا، والزراعة، والثروة الحيوانية، عبر اللجنة المشتركة للتعاون.

وتأتي زيارة عبد اللهيان على قاعدة واسعة للتواجد الإيراني السابق في مالي، فلدى طهران مؤسسات اقتصادية وثقافية وطبية وتعليمية هناك، منها مركز طبي تابع للهلال الأحمر الإيراني، وفرع جامعة المصطفى الدولية التي تضع المناهج وفقا للأيديولوجية الإيرانية، كما ينشط المركز الثقافي الإيراني في محاورة النخبة المالية.