مع تسارع وتيرة "استعراض القوة" بين الصين من جهة، والولايات المتحدة وتايوان من جهة أخرى، بأحدث الأسلحة، واتساع دائرة المناورات والمناورات المضادة، يستمر البحث عن حلول لوقف التصعيد الذي لا يتحمله اقتصاد العالم المأزوم أصلا.
وأعلنت الصين عن مناورات "فوستوك 2022" مع روسيا ودول أخرى قريبا، في الوقت الذي عرضت تايوان مقاتلتها الأكثر تطورا أميركية الصنع من طراز "إف 16 في" خلال طلعة ليلية، بينما حلَّقت قاذفات أميركية، من طراز "بي- 2"، بعضها قادر على حمل أسلحة نووية، فوق المحيط الهادئ.
وطرح تقرير لمجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية، حلًّا يتمثل بتطبيق نموذج "حياد النمسا"، قبل اشتعال الأزمة أكثر باحتمال مناقشة الكونغرس تشريعا يتعرض سلبا لمبدأ "الصين الواحدة".
واعتبرت الصين أن واشنطن انتهكت هذا المبدأ بإصرارها على إتمام زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، إلى تايوان، حيث رأت الصين في تلك الخطوة دعما لمطالب "انفصاليين" باستقلال الجزيرة عنها.
تجربة النمسا
في 15 مايو 1955، وقعت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية (الولايات المتحدة، الاتحاد السوفيتي، بريطانيا، فرنسا)، مع إحدى الدول المهزومة (النمسا) ما اشتهر باسم "معاهدة حياد النمسا"، بعد خسارة الأخيرة بعض أراضيها، ورفضها الدخول في تحالفات عسكرية أو نشر قواعد أجنبية على أراضيها بعد الحرب.
وتركز المعاهدة على أن تلتزم النمسا بعدم الدخول في حرب، مع دعمها جهود نزع السلاح.
وتعليقا على إمكانية تكرار تجربة النمسا في تايوان، قال جاسم محمد، الخبير في الأمن الدولي، لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه لا يوجد أي تشابه، فالنمسا دولة مستقلة ومحايدة، وليست لديها تكتلات دولية، بينما لا تتمتع تايوان بمواصفات الدولة، وليست عضوا بالأمم المتحدة، ويمكن اعتبارها تابعة للصين.
وبالمثل، استبعد إيهاب عباس، المتخصص في الشأن الأميركي، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية" تطبيق حياد النمسا على تايوان، نظرا لأن النمسا لم تكن تابعة لدولة أخرى، بينما تايوان وفقا للقانون الدولي جزء من الصين، ما يجعل مسألة الحياد أمرا لا يجوز قانونيا.
وعن احتمال تقديم بكين وواشنطن تنازلات لحل الأزمة، أوضح محمد، أن الصين لن تتنازل عن تايوان حماية لمبدأ "الصين الواحدة"، وواشنطن لن تتوقف عن دعم تايوان لأنها "ورقة ضغط" في يدها.
وفي تقدير عباس، فإن بكين "استحالة أن تتنازل عن تايوان لأنها تتعامل مع المسألة من منطلق الكرامة الوطنية"، وفي المقابل "ترى واشنطن في تايوان شريكا اقتصاديا لامتلاكها أكبر مصانع الرقائق الإلكترونية، وهي مسمار جحا لتبرير بقاء القوات الأميركية في جنوب شرق آسيا".
ويبقى الخيار الأفضل للأزمة، عودة الوضع لما كان عليه قبل زيارة بيلوسي، حسب عباس، الذي أشار إلى أن خيار الرجوع للمواثيق الدولية التي تثبت تابعية تايوان للصين ربما ترفضه واشنطن، وهو ما يجعلنا أمام المواجهة العسكرية التي ستدمر اقتصاديات أكبر دول العالم.