حرب اتهامات بين روسيا وأوكرانيا حول توجيه ضربات قرب محطة "زابوريجيا " للطاقة النووية والتي تعد الأكبر في أوروبا، وسط مخاوف دولية من خطر وقوع كارثة نووية، بينما اعتبر متخصصون أن السيناريو حال وقوع أزمة سيكون على غرار فوكوشيما وليس تشرنوبيل.
وخلال جلسة لمجلس الأمن خصصت للوضع في محطة زابوروجيا، قال المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، إن أوكرانيا تدفع العالم إلى "شفا كارثة نووية"، فيما قال المندوب الأوكراني سيرجي كيسليتسيا إن موسكو "قصفت المحطة لإبعاد الأنظار عن قصفها لمدن وقرى أوكرانية أخرى".
القصف قرب المحطة النووية تسبب في ذعر دولي، حيث وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "أي هجوم على المنشآت النووية بأنه انتحاري"، كما حث رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي الطرفين على "ضبط النفس"، مؤكدا أن الوضع "يتدهور بسرعة، وأي عمل عسكري في محيط المحطة يعرض العالم إلى خطر نووي، يجب أن يتوقف حالا".
فيما دعت الولايات المتحدة لإقامة منطقة منزوعة السلاح، اعتبرها محللون "حلا وسط قد يمنع الوصول إلى عواقب مأساوية جراء تعرض أي منالمفاعلات النووية بأوكرانيا للقصف أو وقوعها في مرمى نيران المعارك إلا أنهم اعتبروه صعب التحقيق في ظل العلاقات المتدهورة بين موسكو والغرب".
وحذّرت مجموعة "انيرغواتوم" الأوكرانية المشغّلة للمحطة من أن "الوضع يزداد سوءا"، مشيرة إلى "وجود مواد مشعة في مكان قريب وتضرر أجهزة عدة لاستشعار الإشعاعات".
وسيطرت روسيا على أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا في مارس الماضي، بعد العملية العسكرية التي شنتها على أوكرانيا، في 24 فبراير، فيما لا يزال الفنيون الأوكرانيون يشغلون المحطة.
فوكوشيما وليس تشيرنوبيل
وحول مخاطر القصف، قال ليون سيزيل، رئيس الجمعية النووية الأوروبية، إنها محدودة نظرًا لأن المفاعلات محمية بما يصل إلى 10 أمتار من الخرسانة، مؤكدا على أن وابلًا من القصف الجوي المستهدف هو الذي من المرجح أن يخترق جدران المفاعل.
ونقلت صحيفة بوليتيكو عن "سيزيل" أن الهجوم على مواقع تخزين الوقود المستهلك سيكون له تأثير محدود، حيث إن أي مادة مشعة يتم إطلاقها ستنتقل فقط حوالي 10 إلى 20 كيلومترًا.
واتفق مع جيمس أكتون، المدير المشارك لبرنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، على أن القصف ليس الخطر الحقيقي، مشيرًا إلى أن الخطر هو ضعف أنظمة تبريد المحطة، معتبرا أن "القياس الصحيح هنا هو فوكوشيما وليس تشيرنوبيل".
وأشار إلى أنه "تم تصميم محطات الطاقة النووية بأنظمة أمان مستقلة متعددة، بما في ذلك العديد من وصلات الشبكة ومولدات الديزل الاحتياطية. تستخدم المحطة خزانات رش للتبريد، مما يعني رش الماء الساخن من داخل النبات في الهواء الخارجي لخفض درجة حرارته، هؤلاء سيكونون في الواقع معرضين للخطر نسبيًا لأنهم يجب أن يكونوا على اتصال بالعالم الخارجي، مما يجعلهم أهدافا محتملة للهجوم".
حل وسط
وحول تصاعد حدة الاتهامات بين الجانبين، قال الأكاديمي والمحلل السياسي، آرثر ليديكبرك، إن كلاهما يبحث عن الدعم، روسيا تظهر لشعبها أنها تحمي المنطقة من كارثة نووية مع محاولة تقويض الإرادة الغربية لوقف تقديم دعم عسكري إضافي لأوكرانيا، أما كييف فتبحث عن "تعاطف عام" حول المحطة التي تم الاستيلاء عليها.
وأوضح ليديكبرك، لسكاي نيوز عربية، أن ما يحدث جزء من سياسة عامة لروسيا فهي تركز على ضرب المصانع الكيماوية والمعدنية وكذلك محطات الطاقة للضغط على أوكرانيا خلال الشتاء المقبل، والمتوقع أن يكون قاسياً، مع انقطاع متعمد لإمدادات الطاقة لأوروبا كجزء من عقاب الرئيس الروسي.
وأشار إلى أن "الولايات المتحدة وكبار الحلفاء الأوروبيين يعتقدون أن أسلوب روسيا يزيد من خطر وقوع كارثة. لذلك فإن الدعوة لمنطقة منزوعة السلاح قد يكون حلا وسطيا في ظل عدم رغبة موسكو التراجع عن أي أراضي سيطرت عليها، وفي ظل هذه الأجواء المضطربة يجب أن تكون هناك استعدادات دولية لأي احتمال كارثي بالنسبة لمحطة زابوريجيا للطاقة النووية".
وفي 2011، غَمرت الأمواج محطة فوكوشيما دايتشي النووية المُتاخمة للمحيط الهادئ. وأدّى التسونامي الضخم إلى تذويب نوى ثلاثة مفاعلات في المحطة لتوليد الطاقة، ما تسبب بإطلاق كميات كبيرة من الإشعاع في الهواء استقرّت على الأرض وفي الماء وخلقت أسوأ كارثة نووية مدنية منذ حادث تشرنوبيل النووي في أوكرانيا.
فيما انفجر مفاعل تشيرنوبل في 1986 ما أدى إلى تلويث معظم أنحاء أوروبا وخاصة أوكرانيا وروسيا وبيلاروسيا. و"المنطقة المحظورة" الواقعة في دائرة شعاعها 30 كيلومترًا حول المحطة، لا تزال ملوّثة بشدّة ويُحظر العيش فيها بشكل دائم.