بعد إعلان الجيش الصيني، الاثنين، مواصلة المناورات العسكرية بحرا وجوا حول تايوان، مما شكل رفضا قاطعا لدعوات الغرب لخفض التصعيد في المنطقة، أعلنت تايبيه من جهتها إجراء تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية، لمحاكاة الدفاع عن الجزيرة في حال تعرضها لغزو صيني، وفق ما أعلن مسؤولون.
وقال المتحدث باسم الفيلق الثامن لو ووي جي لوكالة "فرانس برس: "سنتدرب على التصدي لهجمات العدو على تايوان".
وأوضح أن قوات الجزيرة ستتدرب على التعامل مع عمليات الإنزال يومي الثلاثاء والخميس في منطقة بينغتونغ في أقصى الجنوب، حيث سيتم نشر مئات الجنود ونحو 40 مدفع هاوتزر لإجراء التدريبات، وفق المصدر ذاته.
ويرى محللون وخبراء عسكريون أن المنحى التصاعدي للأزمة وتبادل المناورات والتحركات العسكرية المتضادة بين بكين وتايبيه، في رقعة جغرافية ضيقة مزدحمة برائحة البارود والسفن والبوارج والطائرات الحربية، ووسط توتر سياسي وأجواء مشحونة وملغومة وحساسيات تاريخية، فإن خطر انزلاق الأوضاع نحو حرب مباشرة بين الجانبين بات واقعيا جدا.
وحذروا من أن مقابلة محاكاة الهجوم الصينية بمحاكاة دفاع تايوانية، ربما يقود لمواجهة مباشرة قد تنجر لها لاحقا دول أخرى، حيث تنتشر قوات وقطعات بحرية أميركية.
في هذا السياق، يقول الباحث الاستراتيجي والخبير العسكري مهند العزاوي، في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "كان لافتا جدا تمديد الصين لمدة مناوراتها في محيط تايوان والمستمرة منذ يوم الخميس الماضي وكان مفترضا انتهاؤها يوم الأحد، لكن بكين دون سابق إنذار أعلنت استمرار تلك المناورات والتي تتم في مناخ بالغ التوتر، حيث أن تايوان مطوقة ومحاصرة عسكريا من كافة الجهات من قبل القوات الصينية، وهكذا فإن هذه المناورات يبدو أنها مع تمديدها دون إعلان موعد محدد لانتهائها قد تحولت لعملية حصار عسكري مخطط لتايوان، رغم أنه لم يصل بعد لمرحلة منع الوصول لها تماما".
وما يثير الريبة هنا، وفق الخبير العسكري: "أن قطع بكين لاتصالاتها مع واشنطن قد يكون مؤشرا على اعتزام الصين القيام بعمل عسكري خاطف وسريع لاجتياح تايوان والسيطرة عليها وضمها للبر الصيني تاليا، بالرغم من وجود القوات الأميركية البحرية قرب المنطقة".
فالصين تعتبر كما هو معروف تايوان جزءا لا يتجزأ من أراضيها، كما يقول المتحدث، متابعا: "ووفق هذا المنطق، فإن بكين ترى أن من حقها استعادة جزيرة تايوان وبسط سيطرتها الكاملة عليها، ومن هنا فقد نكون أمام سيناريو هجوم صيني واسع لتحقيق ذلك، خاصة وأن تايوان حبيسة بحريا وهي في متناول اليد الصينية، وهي أضعف بكثير من أن تكون قادرة على مواجهة الصين بطبيعة الحال".
وهكذا، يردف العزاوي: "فقد تستغل بكين انشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من أزمات اقتصادية وأمنية وسياسية كبرى، للقيام بعملية عسكرية ضد تايوان وفرض أمرها الواقع فيها، فالمؤشرات هي ذات خطورة مرتفعة تدفع نحو هذا السيناريو، والذي في حال تنفيذه سيدخل العالم في أزمة حادة لا تقل خطورة واشتعالا عن الأزمة الأوكرانية".
ويجري الجيش الصيني منذ أيام سلسلة غير مسبوقة من المناورات البحرية والجوية في مناطق قريبة من تايوان، عقب زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي للجزيرة، التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها.
وكان التلفزيون الرسمي الصيني نقل، الأحد، عن أحد المعلقين بأن الجيش الصيني سيجري من الآن فصاعدا مناورات "منتظمة" على الجانب الشرقي من الخط الفاصل في مضيق تايوان.
والخط الفاصل في المضيق الضيق بين جزيرة تايوان والبر الرئيسي للصين هو خط سيطرة غير رسمي لا تعبره عادة الطائرات العسكرية والبوارج من أي من الجانبين.
وتسعى بكين من خلال هذه المناورات إلى تأكيد "أحقيتها" في ضم تايوان، وإنذار واشنطن الداعمة للجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي.