لليوم الرابع على التوالي، تتواصل في فيينا المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، التي تستهدف إحياء الاتفاق النووي المبرم مع القوى الغربية عام 2015، وسط شد وجذب بين طهران والغرب حول القضايا العالقة، من بينها الضمانات والعقوبات.
وأعرب مندوب روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، الأحد، عن "تفاؤله" بشأن إحراز تقدم في محادثات فيينا، بعد لقائه مع مبعوث الاتحاد الأوروبي والمنسق الرئيسي للمحادثات، إنريكي مورا، قائلا: "يبدو أننا نحرز تقدما.. لنبق متفائلين".
بدوره، قال المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، للتلفزيون الإيراني، من فيينا بشأن تقييمه للمحادثات، إنها "ليست سيئة والمحادثات لا تزال مستمرة بشأن الضمانات".
وتأتي الجولة الحالية بعد توقف المفاوضات في مارس الماضي عقب 8 جولات سابقة، دون حصول تقدم، وكذلك فشل المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في أواخر يونيو الماضي في العاصمة القطرية الدوحة.
وقامت إيران بخفض التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمراقبة الأنشطة النووية والحد من وصول مفتشي الوكالة، كما رفعت نسبة تخصيب اليورانيوم إلى 60 بالمئة مقتربة من 90 بالمئة، وهي النسبة اللازمة لتصنيع قنبلة، وذلك بعد انسحاب إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي منتصف عام 2018.
3 مطالب إيرانية
وحول كواليس المفاوضات، قال المحلل الإيراني أميد شكري، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الأيام الثلاثة الماضية شهدت إصرار إيران على مواقفها السابقة لتجنب العقوبات، من بينها إغلاق التحقيق الذي تجريه وكالة الطاقة الذرية، وكذلك الضمانات الأميركية".
وأضاف كبير مستشاري السياسة الخارجية وأمن الطاقة في مركز "تحليلات دول الخليج" (مقره واشنطن)، أن "الضمانات المتأصلة هي إحدى القضايا المهمة التي لا تزال تُناقش بين إيران والولايات المتحدة".
وتابع: "منذ اليوم الأول للمفاوضات لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، شدد المسؤولون الإيرانيون على أن العودة إلى الخطة يجب أن تخضع لضمانات سياسية وقانونية وتجارية واقتصادية، تمنع أي عضو من الانسحاب منها بشكل أحادي وتؤدي إلى تكرار تجربة مايو 2018".
واستطرد شكري: "المسؤولون الأميركيون رفضوا توفير ضمانات قانونية وسياسية بسبب القيود القانونية لقوانين هذا البلد، وزعموا أنه بالنظر إلى أن خطة العمل الشاملة المشتركة ليست معاهدة، فلا يوجد أي ضمان على أن الرئيس الأميركي المقبل لن يرفض هذه الاتفاقية"، لافتا إلى مساع أوروبية للبحث عن "حلول وسط" لحل هذا القلق الإيراني.
وأوضح أن "الحلول الوسط تكمن في رفع العقوبات التي تفرضها خطة العمل الشاملة المشتركة والعقوبات غير الواردة في الخطة ضد إيران، حول الشركات والكيانات التابعة للحرس الثوري".
كما أشار إلى أنه "إذا لم تنجح المحادثات النووية، أمام إيران حتى منتصف سبتمبر والاجتماع المقبل للوكالة الدولية للطاقة الذرية للإجابة على أسئلة الوكالة حول اتهامات إسرائيلية بوجود معدات تستخدم لتصنيع الأسلحة النووية في موقع بطهران، وإلا فهناك احتمال أن تحال القضية النووية الإيرانية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد عثرت على آثار مواد نووية في ذلك الموقع وغيره، وطالبت إيران بتفسير ذلك والكشف عن مصير تلك المواد، وردت طهران حينها على الاستفسارات، لكن الوكالة الدولية وجدت أجوبتها "غير ذات مصداقية".
وفي وقت سابق، قال مندوب روسيا، ميخائيل أوليانوف، إن "مشروع القرار الخاص بإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة نوقش بشكل جماعي من قبل جميع المشاركين، بما في ذلك روسيا والصين".
ونفى ممثل روسيا، ما تردد بشأن رفض بكين وموسكو للمسودة التي اقترحها المنسق الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في 21 يوليو الماضي.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عن المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، أبو الفضل عمويي، قوله: "إننا نتفاوض في فيينا لإلغاء الحظر الأميركي غير القانوني على إيران، الجانب الآخر يحاول استغلال الحظر كأداة للضغط في عملية التفاوض".
ووصف عمويي قرار طهران بشأن ضخ الغاز في أجهزة الطرد المركزي بأنه "منطقي"، وأن هذا الإجراء يثبت أن إيران "لديها القدرة على زيادة قدرة تخصيب اليورانيوم".
وأضاف: "يمكن استخدام اليورانيوم المخصب في المستقبل كاحتياطي وقود للمنشآت في البلاد، وكأداة قوية لإيران للصمود في وجه مطامع الجانب الآخر".
وفي محاولة أخيرة، قدّم منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بوريل، "اقتراحا وسطيا" الشهر الماضي، ودعا الأطراف إلى قبوله لتجنب "أزمة نووية خطيرة".
وقال بوريل إن مسودة النص تتضمن "تنازلات تم الحصول عليها بشق الأنفس من قبل جميع الأطراف، تتناول بالتفصيل الدقيق رفع العقوبات، بالإضافة إلى الخطوات النووية اللازمة لاستعادة اتفاق 2015".
وكان رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، قد حذّر الأسبوع الماضي من أن برنامج إيران "يمضي قدما بسرعة كبيرة جدا، وينمو في الطموح والقدرة".