ما زالت تداعيات زيارة رئيسة الكونغرس الأميركي نانسي بيلوسي، إلى تايوان، حاضرة في المشهد الدولي، في ضوء التصعيد المستمر بين واشنطن وبكين وحالة الترقب العالمي لرد الصين على الزيارة وآلية التعامل الأميركي معه، في حين تستبعد غالبية التقديرات نشوب أزمة عسكرية بين الدولتين الأكبر اقتصادياً وعسكرياً في العالم.
ويخشى مراقبون تكرار سيناريو عام 1995، بين بكين وواشنطن، حيث كانت الحرب على وشك الاندلاع بين أميركا والصين، فيما يوصف تاريخياً باسم أزمة مضيق تايوان بين الصينيين والأميركيين.
وزارت بيلوسي، مساء الأربعاء، تايوان، مثيرة موجة من الغضب في الصين بسبب زيارتها القصيرة للجزيرة التي تعتبرها بكين جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
ورداً على الزيارة، قررت بكين، الجمعة، وقف التعاون والاتصالات مع واشنطن في ملفات عدة تمتد من التغير المناخي إلى الاتصالات العسكرية.
وذكرت الخارجية الصينية في بيان، أن بكين قررت إلغاء المحادثات بين قادتها العسكريين ونظرائهم الأميركيين، وفق ما أوردت وكالة "رويترز".
وشملت الإجراءات الصينية وقف التعاون في ملفات إعادة المهاجرين غير النظاميين، ومكافحة المخدرات، والسلامة البحرية، ومكافحة الجريمة عبر الحدود.
حدود التصعيد
ويرى الخبير في الشؤون الدولية والمختص بالشأن الأميركي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أحمد سيد أحمد، أن هناك حدودا للتصعيد المحتمل بين الصين وأميركا، مستبعداً أن يحدث أي صدام عسكري بين الدولتين على خلفية الأزمة المحتدمة بينهما بعد زيارة ثالث أكبر سياسية أميركية، بيلوسي، إلى تايوان.
ويقول أحمد في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، إن الطرفين لا يرغبان في أن تخرج الأمور عن السيطرة، إذ تبتعد كل خطط الرد من جانب الصين عن الخيار العسكري الذي تجعله بكين في مؤخرة الحلول، ولا ترغب في استخدامه مُطلقا.
وحسب أحمد "تعي بكين جيداً خطورة الموقف، ولا تريد الانجرار خلف "الفخ الأميركي"، الذي يستهدف جر الصين إلى أزمة عسكرية مع تايوان بغرض إرباكها وتحجيم نفوذها وتعطيل اقتصادها، هذا ما ترغب به الولايات المتحدة في الوقت الراهن، وتدركه الصين بشكل جيد ولن تتورط فيه"، على حد قوله.
ويشير الخبير المختص بالعلاقات الدولية والشأن الأميركي، إلى أن واشنطن وبكين تدركان ما تعنيه الحرب في الوقت الراهن من خسائر مُضاعفة للاقتصاد العالمي المُنهار جراء الأزمة الأوكرانية، ولا ترغب أي منهما في مضاعفة أزمة الاقتصاد العالمي، لأن الدخول في صدام مُباشر بينهما يعني انهيار منظومة الاقتصاد تماماً.
استراتيجية الردع
ويرى أحمد أن الصين تتبنى استراتيجية الردع، في إطار تصعيدها ضد الولايات المتحدة الأميركية، لكن تتجنب الدخول في الحرب، مشيراً إلى أن بكين، على مدار الأيام الماضية حاولت استعراض قوتها العسكرية بحرياً وجوياً، وتجاوزت المناورات التي نفذتها القوات الصينية نحو 7 أميال في عمق تايوان، وكذلك التحركات من جانب الأسطول البحري في بحر الصين، وهي سياسة تستهدف الردع دون الرغبة في خوض حرب.
ويصف أحمد أن زيارة بيلوسي عبارة عن "تحرش بالجانب الصيني وانتهاك لقانون الدولي" باعتبار تايوان جزءا من الأراضي الصينية، وخروج عن المبدأ الأميركي التاريخي للاعتراف بسيادة الصين ووحدة أراضيها ومنها تايوان، لذلك تتعامل معها بكين باعتبارها تجاوزا يتطلب الردع، وستؤثر بشكل كبير على العلاقات بين البلدين.
وبخصوص العقوبات، يقول أحمد إن بكين سارعت بتطبيق عقوبات اقتصادية على بيلوسي، كما قامت بوقف التجهيزات الخاصة بأحد أكبر مصانعها في الولايات المتحدة، (مصنع كاتل لتصنيع البطاريات)، كما أوقفت بعض استثماراتها المستقبلية داخل أميركا، وفي تايوان أعلنت الصين إغلاق نحو 2000 شركة، كما أوقفت تصدير الرمال البيضاء، المُستخدمة في إنشاءات الطرق.
ويؤكد الخبير المصري أن حدود التصعيد بين الدولتين ستتوقف عند العقوبات العسكرية واستعراض قوة الردع من جانب الصين، دون الدخول في تصعيد عسكري، بين الصين وتايوان، على غرار الأزمة الروسية الأوكرانية.