بعد بسط تنظيم القاعدة الإرهابي عضلاته في دولة مالي وبوركينا فاسو غربي إفريقيا، يمد التنظيم قدميه إلى دولة توغو المجاورة التي أصبحت في مرمى هجماته المتكررة، وسط مخاوف من تحويله للدولة صغيرة المساحة إلى قاعدة عمليات تستهدف دولا أخرى.
وشهدت مناطق "سافانس" شمالي توغو قرب الحدود مع بوركينا فاسو هجمات إرهابية الأسابيع الماضية، قتلت وأصابت العشرات، في مؤشر على تمدد نشاط تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين، لمساحة أوسع في منطقة الساحل والصحراء.
وعانت توغو، التي تبلغ مساحتها 57 ألف كلم وعدد سكانها 8 ملايين نسمة، ما لا يقل عن 10 هجمات داخل حدودها منذ نوفمبر 2021.
وفي نهاية يوليو، شن إرهابيو "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" الموالية لتنظيم القاعدة، هجمات على 5 قرى في شمال توغو، مما أدى إلى مقتل نحو 30 شخصا، وهو الهجوم الأسوأ من نوعه منذ نهاية 2021.
وتسبب المعدل المرتفع للنشاط الإرهابي في شمال توغو ببعض الارتباك للسلطات. وفي مايو أصيب جنود توغو بانفجار لغم في طريقهم لتعزيز قاعدة عسكرية شمالي البلاد، وتعرضوا لهجوم من إرهابيي القاعدة، تسبب في مقتل ما لا يقل عن 8 جنود وجرح 13 آخرين.
وأعلنت جماعة "نصرة الاسلام والمسلمين"، مسؤوليتها عن الغارة على القاعدة العسكرية، وهي المرة الأولى التي تكشف فيها علنا أن لها أنشطة داخل توغو.
وفي محاولة لمحاصرة التغلغل الإرهابي، فرضت السلطات في توغو حالة الطوارئ الأمنية في منطقة "سافانس" شمالي البلاد، في 13 يونيو، لمدة 90 يوما.
وتتضمن حالة الطوارئ "حظر تنقل الأشخاص وتجمعهم على الطريق السريع العام، وتسمح للشرطة والجيش باستجواب أي شخص يشتبه في إقدامه على سلوك عدائي".
استغلال النزاعات المحلية
وأعرب الباحث في "مركز راند" الأميركي للاستشارات الأمنية، مايكل شوركين، لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن "قلقه من تنامي العمليات الإرهابية في ظل هشاشة الوضع الأمني بدول غرب إفريقيا".
ولفت شوركين إلى أن "القاعدة وداعش بارعان جدا في استغلال النزاعات المحلية والمظالم، وتحفيز حركات التمرد؛ مما يجعلهما قادران على النفاذ لدول الجوار".
وأضاف الخبير في منطقة الساحل، أن "نفاذ الجماعات الإرهابية إلى شمال توغو يشكل تهديدا كبيرا للبلاد؛ حتى لو كان هذا التهديد في مهده؛ لذا يتعين على توغو أن ترد بقوة الآن قبل فوات الأوان".
ويتنافس تنظيم داعش وجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" على مناطق النفوذ والولاءات، في منطقة الساحل والصحراء.
من جانبه، رأى الإعلامي التشادي، أبو بكر عبد السلام، أن "انتشار الجماعات الإرهابية من شمال مالي إلى وسطها على مدى السنوات السبع الماضية، ثم ظهورها في بوركينا فاسو العامين الماضيين، سيكون له تداعيات خطيرة في أماكن أخرى من غرب إفريقيا".
و"أصبحت توغو وبنين في مرمى الجماعات الإرهابية كذلك؛ لذا يتعين على دول الساحل الإفريقي تطوير استراتيجيات أكثر فاعلية، وتخصيص الموارد لوقف تدفق الهجمات"، بحسب عبد السلام.
ولعبت توغو إلى حد كبير دورا استباقيا في تعزيز دفاعاتها على طول حدودها مع بوركينا فاسو، ففي عام 2018 أطلقت عملية عسكرية ونشرت مئات القوات على طول المنطقة الحدودية.
لكن شهدت المناطق المتاخمة لبوركينا فاسو عمليات إرهابية، مما يتطلب مراجعة الخطة الأمنية لمواجهة خطر الإرهاب، وفق المختصين.