بوادر مواجهة تلوح في الأفق بين الحركات المسلحة في إقليم أزواد شمالي مالي، وبين المجلس العسكري الحاكم، بإعلان تنسيقية هذه الحركات تجميد اتفاق الجزائر للسلام والمصالحة، احتجاجا على ما قالت إنه عدم التزام المجلس بالاتفاق.
وفي ختام اجتماع المكتب التنفيذي لتنسيقية الحركات الأزوادية في كيدال، برئاسة بلال أغ الشريف، عبرت الحركات عن استنكارها لما اعتبرته تخلي باماكو عن إتفاق السلام الموقع عام 2015، منذ بداية تسلم المجلس الحكم الانتقالي عقب انقلاب مايو 2021.
واتفاق السلام توسطت الجزائر في إنجازه لوضع حد للحرب بين الحكومة والحركات المسلحة في شمال مالي التي تطالب بحكم ذاتي تحت اسم "إقليم أزواد"، بحجة أن الحكومة تهمش "الأزواديين"، ومعظمهم من الطوارق، وأكد الاتفاق على المصالحة الوطنية، وتحقيق التنمية الاقتصادية، والأخذ في الاعتبار التنوع العرقي دون المساس بوحدة البلاد.
سيناريو الحرب
ويرى الإعلامي الأزوادي، والعضو المؤسس في "الحركة الوطنية لتحرير أزواد"، "بكاي أغ حمد"، أن بيان تنسيقية الحركات الأزوادية يؤكد نفاد صبرها.
وشهد الاجتماع في كيدال يومي 16 و17 يوليو، مشاركة كثيفة من القادة السياسيين والعسكريين لهذه الحركات، جاءوا من الداخل والخارج، إضافة لحضور رئيسي السلطات المؤقتة لإقليم كيدال وغاو، وحاكم كيدال، ووفد من مينوسما، ورئيس المجتمع المدني لولاية كيدال وممثل بلات فورم.
ويضيف "بكاي" لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "الأزواديين يعلمون جيدا أن السلطات لا تنوي تحريك أي نقطة تتعلق بتطبيق اتفاق السلام، بل تعمل في صمت كي تسيطر على بقية المناطق في أزواد".
وفي وسط مخاوف من تجدد القتال بين الجانبين، لا يتوقع "بكاي" أن "تجميد العمل باتفاق السلام يعني عودة الحرب مع السلطات بمالي، ولكن يمكن أن يؤدي لمفاوضات جديدة برعاية وسيط جديد محايد".
لكن العضو المؤسس في "الحركة الوطنية لتحرير أزواد"، لمح إلى أن سيناريو الحرب قد يكون واردا: "إذا اختارت مالي المواجهة العسكرية فليس أمام الأزواديين سوى الدفاع عن أنفسهم أو الهجوم للسيطرة على كل الإقليم، وحينها لكل حادث حديث"، حسب تعبيره.
مركز كارتر يحذر
ووصف مركز كارتر - منظمة أميركية غير حكومية تعمل كمراقب مستقل لاتفاق السلام- أن الاتفاق يعيش مأزقا غير مسبوق، مشددا على أنه منذ أكتوبر 2021 أصبح الحوار بين أطرافه أكثر صعوبة، ولأجل تحريك المياه الراكدة دعا لمراجعة الاتفاق.
ويتزامن هذا الأمر مع تحديات أخرى تواجهها السلطات الانتقالية في مالي، مثل التوترات بينها وبين المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، وأدت لفرض عقوبات من المنظمة على مالي؛ احتجاجا على عدم إجراء انتخابات للخروج من المرحلة الانتقالية التي يديرها قادة الانقلاب العسكري، وسحب الدعم المقدم من شركاء دوليين تقليديين لمالي، إضافة لاستمرار العمليات الإرهابية من تنظيم داعش الإرهابي وغيره.
وخلال مارس، تصاعدت وتيرة المواجهات بين "داعش" والحركات الأزوادية شمالي البلاد، في "تأملت" و"تينسنانن" و"أضرنبوكار"، وغيرها؛ ما أدى لمقتل العشرات وفرار الآلاف من السكان.
ويعتبر "أغ حمد" أن نشاط "داعش" في مناطق الأزواد حرب بالوكالة ضد الأزواد، وبما يخدم قوى محلية وإقليمية ودولية.
من ناحيته، يصف الباحث في مركز "راند" الأميركي للاستشارات الأمنية، مايكل شوركين، ما ورد في اجتماع تنسيقية الحركات الأزوادية، بأنه تحرك مقلق جديد.
ويلفت شوركين إلى أن المجلس العسكري المسيطر ينظر لهذه الحركات على أنها ليست أفضل من الجماعات الإرهابية، وتهدد سيادة باماكو على شمال مالي، وهو ما ينذر بعودة الصراع بين هذه الحركات الأزوادية والمجلس.