قصف هنا وهناك وتكثيف للتحركات العسكرية الروسية في جميع أنحاء أوكرانيا خلال الأسبوع الماضي، ففي شرق البلاد أطلقت روسيا وابلا من الصواريخ على خاركيف، وفي الجنوب أطلق أكثر من 50 صاروخا روسيا من طراز غراد على مدينة نيكوبول المطلة على نهر دنيبرو.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية يوم الأحد، أن قواتها دمرت راجمة صواريخ أخرى من طراز HIMARS في دونباس، كما دمرت مستودعا لصواريخ مضادة للسفن من طراز Harpoon في أوديسا بجنوب أوكرانيا.
التصعيد الروسي شمل أيضًا وسط أوكرانيا، وترجم واقعيا من خلال تصريحات وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي أمر الوحدات العسكرية بتكثيف عملياتها لمنع توجيه ضربات لشرق أوكرانيا ومناطق أخرى تسيطر عليها روسيا.
تصعيد بحسب الخبراء والمحللين يأتي بالتزامن مع التراجع الغربي والأميركي فيما يخص العقوبات القاسية التي فرضت على موسكو الأشهر الماضية، في تلك النقطة يقول الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية سولونوف بلافريف، من المهم التأكيد مجددا على أن الأزمة الروسية - الأوكرانية، هي حرب عقوبات عالمية على روسيا معروفة الأسباب من قبل التكتل العالمي الذي يواصل فرض عقوباته حتى اليوم.
مأزق العقوبات
في ظل التقدم الروسي على الأرض، تتراجع العقوبات القاسية التي فرضت على موسكو، وكان آخرها إعلان وزارة الخزانة الأميركية، رفعها عدداً من العقوبات المفروضة عن عدد من المؤسسات الروسية، والسماح باستيراد الأسمدة، والأغذية، والبذور، والأدوية، والمعدات الطبية من موسكو.
كما تم رفع العقوبات عن مصرف "ألفا بانك" الروسي في كازاخستان، وشركة "غازبروم غرمانيا" في ألمانيا، بخلاف بحث الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن شخصيات روسية، بسبب ضعف الأساس القانوني المستند إليه في فرض العقوبات.
في السياق، يضيف الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، في تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، المتابع بالأمس علم بتراجع اليورو في سابقة أشبه بالنادرة لم تحدث منذ تسعينيات القرن الماضي أمام الدولار الأميركي، وهذا يعني بدء قطاف الآثار المترتبة على هذه العقوبات والتي تحدث عنها الرئيس بوتن والساسة الروس مراراً وتكراراً.
ويؤكد سولونوف بلافريف أن التوقيت الحالي لتصعيد وتيرة العملية العسكرية جوهريًا، فكييف تعي الآن أن أوروبا وواشنطن في مأزق حقيقي اقتصاديًا، بخلاف أن الدعم العسكري السخي من الغرب لم يؤت ثماره أيضًا، فالغرب الآن ينتظر انتهاء العملية العسكرية والدخول في مباحثات لتسوية سياسية للخروج من دائرة التدهور الاقتصادي.
وتابع "وبالنسبة لأوروبا، وتخفيف القيود على عبور البضائع من كالينيغراد وكذلك مسألة التوربينات التي تغاضت كندا فيها عن العقوبات لصالح ألمانيا، هي عوامل تؤكد مهما تم وضع قرارات على الورق لا يمكن لأوروبا الصمود حتى الشتاء القادم، وقد أعلنت بالفعل بعض الدول رسمياً حالة الطوارئ بسبب نقص مصادر الطاقة إلى جانب تراجع الصناعات، ما يعني أن بوتن انتصر، ومن يؤجج الصراع اليوم هو ذاته سيدفع إلى المفاوضات التي سبق وأن عطلها بيديه".
ويرجع الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، التصعيد الروسي أيضًا، "إلى منع أي هجوم مضاد على المدن المحررة بالأخص في الشرق والجنوب، حيث شهدت الأيام الماضية محاولات أوكرانية لاختراق خيرسون في هجوم مضاد، بخلاف استهداف المدن الروسية الحدودية".
تصعيد روسي وضغط مضاد
التصعيد الروسي الأخير قوبل بضغط، حيث قصف الجيش الأوكراني، خلال الـ 24 ساعة الأخيرة، مختلف مدن إقليم "دونيتسك" شرقي أوكرانيا بعشرات القذائف، كما أعلن فاديم سكيبيتسكي، المتحدث باسم المخابرات العسكرية الأوكرانية، أن موسكو تستعد للمرحلة التالية من الهجوم.
وأكد سكيبيتسكي أن روسيا تعزز مواقعها الدفاعية في المناطق التي تسيطر عليها في جنوب أوكرانيا بعد ضغوط من قوات أوكرانيا وتعهد زعماؤها بإجبار روسيا على الانسحاب من تلك المناطق.
في سياق المعارك، تقول الباحثة في الشؤون السياسية سمر رضوان، إن تطور المعارك على الأرض يفرض على موسكو تسريع وتيرة الحسم، في ظل مطالب كييف اليومية بتزويدها بصواريخ بعيدة المدى مما يهدد العمق الروسي واتساع رقعة المواجهة، وهذا الأمر تتجنبه روسيا رغم التقدم العسكري على الأرض.
وتوضح نائب رئيس تحرير مركز رياليست للدراسات ومقره موسكو، خلال تصريحاتها لـ"سكاي نيوز عربية"، أن موسكو تعمل الآن على تحييد الصواريخ الأوكرانية ومناطق إطلاقها من خلال استهداف تلك المنصات ومراكز الخبراء والتدريب، وهذا ما حدث منذ أيام بعد غارة روسية على وسط أوكرانيا.
وأشارت الباحثة في الشؤون السياسية إلى أن هدف أوكرانيا في الوقت الراهن هو الحصول على موضع قدم في المدن المحررة في الشرق أو الجنوب، لتعطيل أي تقدم روسي نحو قلب البلاد.
وفي ظل التصعيد المتبادل، أكد مستشار مكتب الرئيس الأوكراني أليكسي أريستوفيتش، أن كييف قد تهاجم جسر القرم "بمجرد توفر أول إمكانية تقنية لذلك".
وصرح اللواء الأوكراني دميتري مارتشينكو في وقت سابق بأن جسر القرم سيصبح الهدف الأول إذا تم تزويد القوات الأوكرانية بالأسلحة المناسبة من الولايات المتحدة وأوروبا.