في حدث قليلا ما تشهده بريطانيا، يقف العشرات من المسؤولين وأعضاء الحزب الحاكم على نفس خط أحزاب المعارضة في الإصرار على استقالة رئيس الوزراء، مما يمثل تحديا استثنائيا أمام بوريس جونسون يواجهه بالإصرار على البقاء في السلطة.

فقد رفض جونسون الاستقالة رغم دعوات وزراء في حكومته له للتنحي، حسبما ذكرت وسائل إعلام بريطانية، الأربعاء.

والتقى وفد وزاري رئيس الوزراء في أعقاب عشرات الاستقالات من حكومته التي تواجه فضيحة، لكنه تعهد البقاء والتركيز على "قضايا بغاية الأهمية تواجه البلاد".

وفي حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، يرى المحلل السياسي مصطفى طوسة أن "عدة عوامل عامة وحزبية قد تدفع جونسون إلى الرضوخ في النهاية لأحد أمرين، الاستجابة لطلب التنحي أو إجراء انتخابات مبكرة".

وقال جونسون في كلمة أمام مجلس العموم، الأربعاء: "لدي تفويض ضخم من انتخابات 2019 وسأستمر. نبذل جهودا في مجالات عدة، وسنواصل عملنا لتحقيق مزيد من النتائج. يجب أن تستمر الحكومة في عملها وألا تنسحب".

أخبار ذات صلة

الأزمة مستمرة.. بوريس جونسون يعاقب وزيرا دعاه إلى الاستقالة
ضربة للجنيه الإسترليني.. "زلزال جونسون" أم الوضع العالمي؟

وحسبما ذكر مراسل "سكاي نيوز عربية"، فإن العشرات ما بين وزير ومسؤول استقالوا من حكومة جونسون، احتجاجا على أن رئيس الحكومة "انتهك قيم النزاهة والمهنية".

ومن أحدث الاستقالات، تلك التي قدمها وزير الدولة لشؤون الأطفال والعائلات ويل كوينس، ومساعدة وزيرة الدولة لشؤون النقل لورا تروت، الأربعاء.

وعلى الفور لحق وزير الإسكان مايكل غوف، ووزيرة العدل فيكتوريا أتكنز بهما، حيث قالت الأخيرة: "يجب أن تهمنا قيم النزاهة والاحترام والمهنية، وانقسمت هذه القيم تحت قيادة جونسون".

وجاءت هذه الاستقالات بعد يوم من استقالة وزير الصحة ساجد جاويد، ووزير المالية ريشي سوناك، حيث شددا في بيان الاستقالة على أن "الوضع بالحكومة أصبح صعبا لاستحالة الموازنة بين الولاء والنزاهة".

وبجانب التهم الموجهة لجونسون بانتهاك القانون حين سمح بإقامة حفلات داخل مقر الحكومة، في وقت ألزم الشعب بالامتناع عن التجمعات للوقاية من انتشار فيروس كورونا، فإن اتهامات توجه كذلك لوزير سابق في الحكومة بالتحرش الجنسي.

وسريعا أبدت أحزاب المعارضة تضامنها مع المستقلين، ووجه زعيم حزب العمل سير كير ستارمر، رسالته للوزراء الباقيين في الحكومة لحثهم على الاستقالة، قائلا: "الذين بقوا في مواقعهم يطيعون طاعة عمياء، ويدافعون عما لا يمكن الدفاع عنه".

بينما طالب زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين سير إد ديفي، من أعضاء المحافظين "التخلص من جونسون".

زعيم حزب العمال يدعو لاستقالة جونسون

والاستقالات ليست الأزمة الوحيدة التي تهدد بقاء جونسون، فسبق أن تأزم موقفه بخسائر في البرلمان في بعض المناطق.

كما تمثل الأزمة الاقتصادية ضغطا آخر عليه، فقد ارتفع معدل التضخم من 9 بالمئة في أبريل إلى 9.1 بالمئة في يونيو، وهي النسبة الأعلى في تاريخ المملكة المتحدة منذ 40 عاما، الأمر الذي قفز بأسعار البنزين والسلع الأساسية.

وأرجعت صحيفة "غارديان" البريطانية ارتفاع التضخم إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" في المقام الأول، علما أن جونسون كان من أكبر الداعمين للخروج.

ويرى الطوسة أن جونسون يعيش الآن نوعا من "التوحد السياسي" بتمسكه الشديد بالمنصب، لكن "مع الضغوط وخسارته ثقة أقرب الوزراء إليه سيضطر للتنحي، وربما لانتخابات مبكرة".

ويوضح أن "الفضائح الأخلاقية والسياسية لجونسون وتبنيه الكذب استراتيجية لإدارة الحكومة، أمور تسببت في تفاقم الأزمة بالاستقالات الجماعية".

ورغم أن قواعد حزب المحافظين تجعل جونسون محصنا من سحب الثقة خلال عام بعد فوزه بتصويت الثقة مؤخرا، فإن التطورات الأخيرة ربما تجبر أعضاء الحزب على إعادة كتابة القواعد للتخلص منه، بحسب شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية.

وتولي جونسون منصبه منذ 3 سنوات خلفا لتريزا ماي، بعد تعثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.