جاء الإعلان الروسي بإحكام السيطرة على كامل لوغانسك شرقي أوكرانيا بعد معركة مدينة ليسيتشانسك، والاعتراف الأوكراني بذلك، ليطرح جملة تساؤلات وتكهنات حول مستقبل الحرب وسيناريوات ما بعد لوغانسك، وهل سيكتفي الروس بما حققوه أم سيواصلون التقدم نحو مناطق أخرى في شرق أوكرانيا وجنوبها.
يرى خبراء عسكريون أن الهدف التالي لروسيا كتحصيل حاصل بعد لوغانسك سيكون توأمتها دونيتسك، مشيرين إلى أن الحد الأدنى من مكاسب الحرب الذي يمكن أن تقبل به موسكو، هو السيطرة على منطقتي لوغانسك ودونيتسك اللتين يتشكل منهما حوض دونباس الشرقي، والذي مثلت حمايته العنوان العريض للعملية العسكرية الروسية التي بدأت في 24 فبراير الماضي في أوكرانيا.
وهاتان المنطقتان؛ أي لوغانسك ودونيتسك، أعلنتا نفسيهما جمهوريتين من جانب واحد، واعترفت روسيا باستقلالهما قبل بدء العمليات العسكرية.
ويذهب آخرون للقول إن الروس،، خاصة بعد سيطرتهم التامة على لوغانسك، سيواصلون الزحف والتقدم وصولا لربط الأراضي الروسية برا مع إقليم دونباس شرقا، مرورا بمقاطعة خيرسون جنوبا ووصولا لشبه جزيرة القرم، وأن الخطوة التالية فيما بعد ستكون الضم الفعلي والرسمي لهذه المناطق لروسيا الاتحادية.
السيناريو المقبل
وحول تضارب السيناريوهات والتوقعات لمرحلة ما بعد لوغانسك، يقول أستاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات حسن المومني، في حوار مع سكاي نيوز عربية :" السيطرة على لوغانسك والشرق الأوكراني ككل مهمة جدا، لكن الواقع أن روسيا بحاجة لإنجاز أكبر من ذلك، لا سيما مع توسع الصراع وتحوله لأزمة دولية هي الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، حيث إن الأمر لم يعد مقتصرا على مجرد حرب إقليمية داخل أوكرانيا، بل ثمة تصعيد وإجراءات عسكرية واقتصادية عقابية غير مسبوقة ومتبادلة بين الروس والغرب".
بهذا المعنى، يضيف المومني :"فموسكو في حال التفاوض مستقبلا مع عواصم الناتو، فإنها بحاجة لإنجاز كبير وذي معنى استراتيجي في الميدان الأوكراني، ولذلك فإن ربط مقاطعة خيرسون وبقية المناطق الجنوبية بشبه جزيرة القرم بريا، هو ولا شك تطور كبير يصب في خانة تقوية الموقف الروسي ميدانيا وسياسيا وتعزيز أوراق موسكو التفاوضية".
ويسترسل المتحدث :"هناك تكهنات بأن الحرب ربما ستضع أوزارها بنهاية العام، لكن توقفها يبقى مرهونا في مطلق الأحوال بخيارات القيادة الروسية حصرا، ومدى توصلها لقناعة بأن روسيا لا تستطيع الاستمرار في مواجهة الغرب بهذا الشكل لفترة طويلة، وبالتالي فالبحث عن مخارج سلمية وعقلانية من خلال أطراف ثالثة مثلا، أو عبر فتح قنوات سرية بين الأطراف المعنية يحفظ ماء وجه الجميع".
دفعة قوية
بدوره، يقول الكاتب والباحث في العلاقات الدولية طارق سارممي، في لقاء مع سكاي نيوز عربية :"ليس سرا أن هدف موسكو التالي بعد إتمام السيطرة على كامل لوغانسك هو تكرار السيناريو ذاته في دونيتسك، والتي يسيطر الروس بالفعل على مساحات واسعة جدا منها، وهم بهذا النصر الذي حققوه في لوغانسك باتت لديهم دفعة قوية للمضي بمخططهم للسيطرة على الشرق والجنوب الأوكرانيين، وخصوصا على دونباس".
ويضيف الباحث بالعلاقات الدولية :"لا ننسى أن شرارة هذه الحرب إاطلقت من لوغانسك ودونيتسك، وأن السيطرة عليهما وربما ضمهما لروسيا بأي شكل ومهما كانت التضحيات والتكاليف، كان هو الهدف الذي لا يمكن التنازل عنه من قبل الروس من خلال شنهم لهذه الحرب".
واستدرك "لكن شهية الدب الروسي الجامحة لن تكتفي بذلك في الغالب، حيث سيعمل الروس على تحويل مناطق الشرق الأوكراني التي سيطروا عليها لقاعدة لبسط سيطرتهم على مناطق استراتيجية أخرى مهمة وخاصة في الشريط البحري الجنوبي على البحر الأسود وبحر آزوف، لا سيما مدينتي ميكولايف وأوديسا، بما يمكنهم من التحكم في المرافىء الجنوبية التي هي عصب الاقتصاد الأوكراني، وبخطوط الإمداد والتصدير من وإلى أوكرانيا".