بعد خسارته أغلبية البرلمان، تتزايد الضغوط على الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، كان أحدثها تصاعد المطالب بإجراء استفتاء على مغادرة الاتحاد الأوروبي، فيما أكد محللون أن "الفترة الرئاسية الثانية لماكرون ستغلب عليها الانقسامات بعد توسع نفوذ اليسار واليمين المتطرف.

ولم يستطع ماكرون تأمين الحد المطلوب للحصول على أغلبية مطلقة خلال الانتخابات التشريعية في فرنسا، حيث فاز ائتلافه بـ245 مقعدًا فقط من أصل 289 مقعدًا مطلوبًا لتحقيق الأغلبية من إجمالي مقاعد البرلمان البالغة 577 مقعدا.

وقادت منافسة ماكرون اللدودة في الانتخابات، مارين لوبان، حزبها إلى أكبر تمثيل له على الإطلاق في مجلس النواب، بينما تشكل الكتلة اليسارية بقيادة جان لوك ميلانشون أكبر قوة معارضة.

وكشف تقرير لصحيفة "إكسبريس" الفرنسية أن ماكرون قد يضطر إلى الانصياع لضغط داخلي والدعوة لاستفتاء على عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي.

وفي 2018، قال ماكرون: "إذا طرحت أمام الناخبين في فرنسا خيارًا ثنائيًا مشابهًا لما طُرِحَ أمام الناخبين في المملكة المتحدة في عام 2016، (وقصده الاستفتاء على بريكست)، فقد يجيبون بالجواب نفسه".

وفي 23 يونيو 2016، صوت 17.4 مليون ناخب يمثلون 52 في المئة من الناخبين البريطانيين في استفتاء بالموافقة على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، بينما أيد البقاء فيه 16.1 مليون ناخب يمثلون 48 في المئة من مجموع الأصوات، قبل أن تخرج رسميا في 2020 منهيةً بذلك 47 عامًا من الزواج الصاخب بين لندن وبروكسل.

تحديات صعبة أمام ماكرون

وتعقيبا على ذلك، قال الأكاديمي والمحلل السياسي، آرثر ليديكبرك، إنه مع كل أزمة تواجهها فرنسا تتعالى مثل هذه المطالب، لكن يبدو أن ماكرون أمام فترة رئاسية مليئة بالتحديات في ظل ارتفاع أسهم المعارضة وعدم امتلاكه الأغلبية التي تمكنه من قيادة مريحة.

وأضاف ليديكبرك، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "فرنسا أمام مفترق طرق، ونتائج الانتخابات ستنعكس على مستقبل الاتحاد الأوروبي، الاستياء من المشروع الأوروبي تقوده المعارضة إلا أنه ما يزال مجرد مناقشات على أقصى طرفي الطيف السياسي، والوضع العام حاليا ليس نفسه في 2018 عندما أقر ماكرون نفسه أنه حال حدوث استفتاء ستكون النتيجة لصالح المغادرة".

وأشار إلى أن "أوروبا حاليا تمر بأكبر أزمة لم تشهدها منذ عقود في مواجهة روسيا، وستكون هناك حاجة للتكاتف وليس التفكيك وهو ما قد يكون رد ماكرون على مروجي فكرة الخروج من التكتل الأوروبي".

واستدرك "نحن في عالم من الأحداث غير المحتملة، لا أحد يمكنه تقييم تجربة مغادرة بريطانيا بعد أزمات اقتصادية طاحنة كجائحة كورونا ثم تداعيات حرب أوكرانيا، لكن في المجمل الأوضاع لا تحتمل أي مجازفات، يجب أن تكون هناك خطط حال تم الاتفاق على الاتجاه نحو الاستفتاء".

وحول مطالب المنادين بالفكرة، قال إنهم يرون أن "الاتحاد الأوروبي لم يستجب لرغباتهم المشروعة، كما يمكن الحديث عن اضطرابات اجتماعية أو الشعور بالغضب وعن التأثر بموجات المهاجرين نتيجة تراجع الإجراءات الحمائية على حدود الاتحاد الخارجية، وعن انتقادات توجه في الأغلب إلى أوروبا بسبب الروتين والتعقيد البيروقراطي".

جيل "فريكست"

ونقلت صحيفة "إكسبريس" عن إريك نويرز، أحد رواد حركة "فريكست" (خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي) البارزين وعضو في حركة "جيل فريكست" (Generation Frexit)، أن النتيجة "الكارثية" التي حققها ماكرون في الانتخابات قد أعطت زخماً هائلاً في فرنسا لمغادرة الاتحاد الأوروبي.

أخبار ذات صلة

ماكرون يعرض تسوية بعد خسارة الأغلبية البرلمانية

وقال نويرز: "بطبيعة الحال، وبقوة الظروف، ستفرض مسألة عضويتنا في الاتحاد الأوروبي نفسها على النقاش العام وستصبح مركزية فيه في الفترة القادمة، إذا أرادت أحزاب المعارضة أن تكون ذات مصداقية في الشارع، فسيكون عليها بشكل متزايد اتخاذ مواقف والتزامات واضحة بشأن الاتحاد الأوروبي، وعلى أقل تقدير، سيتعين عليهم الدعوة إلى استفتاء على عضويتنا في الاتحاد الأوروبي مثل المملكة المتحدة".

أخبار ذات صلة

 يائيل برون-بيفيه أول رئيسة للجمعية الوطنية الفرنسية

وكان ماكرون، إبان حملته الانتخابية، قد قال إن مرشحة اليمين المتطرف الفرنسية مارين لوبان تريد بشكل غير معلن أن تُخرج البلاد من الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى "حقيقة أن لوبان قالت إنها تريد الامتناع عن دفع رسوم الاتحاد الأوروبي، وتغيير بعض جوانب العلاقة الفرنسية مع الاتحاد الأوروبي".

وأضاف ماكرون: "هناك البعض ممن حاولوا ذلك، وواجهوا مشاكل"، مضيفاً أن "هذا يعني أنها تريد الخروج، لكنها لا تعتقد أن لديها الثقة لقول ذلك، لقد وضعت في برنامجها أنها تريد إنشاء تحالف للدول القومية".