وسط الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بريطانيا، واستمرار تداعيات انسحاب لندن من الاتحاد الأوروبي، جاء ترحيب رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بمقترح باريس إنشاء كيان أوروبي جديد كطوق نجاة، وفق خبراء.
ويقول المحلل السياسي، مصطفى طوسة، لموقع "سكاي نيوز عربية": "إن الترحيب البريطاني بمقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن تأسيس مجموعة سياسية أوروبية جديدة هدفه تعويض أي خسائر نجمت عن الانسحاب من الاتحاد".
وأعلنت الرئاسة الفرنسية أن جونسون أبدى حماسا كبيرا لمشروع إنشاء مجموعة تضم بريطانيا، منوهة إلى رغبة رئيس الوزراء البريطاني في أن يكون هناك مساحة لفتح نقاش خارج حدود الاتحاد الأوروبي.
وأشارت إلى أن الاجتماع الأول للمجموعة الجديدة على مستوى رؤساء الدول والحكومات سيعقد في النصف الثاني من العام الجاري.
وفي 9 مايو، عرض ماكرون مشروع إنشاء المجموعة الجديدة أمام البرلمان الأوروبي في ظل النقاش الدائر حول تعثر انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي.
ويرتكز المقترح على إيجاد بديل للدول التي تجد صعوبة في دخول التكتل الأوروبي مثل أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا، إضافة إلى دول غرب البلقان مثل مقدونيا الشمالية وصربيا التي تنظر للانضمام منذ سنوات.
وفي الوقت نفسه يستهدف المشروع جعل أوروبا أكثر قوة ووحدة؛ لذا يجذب ضم دول أوروبية لا ترغب في الانضمام للاتحاد الأوروبي مثل النرويج وسويسرا، إضافة إلى بريطانيا التي خرجت من الاتحاد، لتوسيع مساحة التعاون في القارة.
وتتباين أهداف فرنسا وبريطانيا من المشروع؛ ففي حين تسعى الأولى ليكون وسيلة لزيادة قوة أوروبا أمام النفوذ الأميركي وروسيا معا، فإن بريطانيا تهدف لخلق مساحة تعاون بينها وبين البلاد الأوروبية بعيدا عن قيود واشتراطات الاتحاد الأوروبي.
وعن أهداف فرنسا من المقترح، يقول المحلل السياسي مصطفى الطوسة، إن ماكرون يريد تفادى العراقيل التي تواجه إجراءات انضمام أوكرانيا للاتحاد، فرغم موافقة الدول الأعضاء الـ 27 على منح أوكرانيا صفة مرشح للعضوية، فهذا لا يعني انضمامها، نظرا لوجود شروط تعجيزية تجعل الالتحاق يستغرق سنوات.
أما عن أهداف بريطانيا، فيرى الطوسة أن "جونسون انقضَّ على فكرة ماكرون لجعل المجموعة تعويضا نوعا ما عن الخسائر التي فقدتها بريطانيا عقب خروجها (من الاتحاد الأوروبي) عن طريق بريسكت".
ويواجه جونسون تحديات تتعلق بزيادة نسب التضخم المدفوع بالفوضى الاقتصادية، بعد تعهده بتحويل بريطانيا إلى اقتصاد ذي أجور ومهارات عالية.
وقبل شهور، أعلنت 44 بالمئة من الشركات العاملة في الخدمات المالية عزمها نقل عملياتها والموظفين من بريطانيا إلى دول الاتحاد، إلا أن قيود أزمة فيروس كورونا عطَّلت الأمر.
وانخفض التداول في سوق الأوراق المالية في لندن بنسبة 40 بالمئة مطلع 2021، مع حرمان لندن من تقديم عروض للأسهم المدرجة في الاتحاد للعملاء خارج بريطانيا.
ورغم ذلك كانت بريطانيا قادرة على الصمود أمام تداعيات انسحابها من الاتحاد، إلا أن تداعيات الحرب في أوكرانيا، والهزة الكبيرة التي أصابت اقتصاد أوروبا، جعلت الكثير من دول القارة، ومنها بريطانيا، تعيد حساباتها في بعض السياسات.