عادت الصواريخ الروسية من جديد إلى العاصمة الأوكرانية كييف بالتوازي مع إعلان موسكو اعتزام تزويد بيلاروسيا بأنظمة صواريخ "إسكندر-إم" المزودة بقدرات نووية ما اعتبره محللون "خطوة نحو تطويق أوكرانيا من الشمال والعودة من جديد للعاصمة".
وانسحب الجيش الأوكراني من مدينة سيفيرودونيتسك، أهم مدن إقليم دونباس، ما يدل على تحقيق روسيا انتصارًا رئيسيًا في معركة لوغانسك ودونيتسك مع سقوط الجسور الرئيسية الثلاثة في المدينة، حيث تسعى روسيا إلى انتزاع السيطرة الكاملة على نهر دونباس لإنشاء جسر بري يربط البر الرئيسي لروسيا بشبه جزيرة القرم.
والأحد، أعلنت أوكرانيا عن سقوط قتيل و4 جرحى من جراء القصف الروسي على كييف، فيما كشفت وزارة الدفاع الروسية عن قصف مصنع للصواريخ في العاصمة الأوكرانية.
ومع بداية العملية العسكرية في 24 فبراير الماضي، هاجمت روسيا أوكرانيا من 3 جهات، في شبه جزيرة القرم في الجنوب، وعلى الجانب الروسي من حدود البلدين (الشرق)، وفي بيلاروسيا من الشمال، قبل أن تعلن في 25 مارس الانسحاب من الشمال بعد خسائر هائلة والتركيز على الشرق.
ووفق موقع "ميدوزا" الروسي فإن إدارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، لديها "هدف أدنى" و"هدف أقصى" بشأن نجاح واكتمال "العملية العسكرية الخاصة"، لافتة إلى أن الهدف الأدنى المطلوب لإعلان النصر هو الاستيلاء الكامل على دونباس، وهو ما تكاد القوات الروسية أن تحققه، ويبقى الهدف الأقصى للكرملين هو الاستيلاء على كييف.
الحرب مستمرة
وتعقيبا على ذلك، قال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، ليون رادسيوسيني، إن "روسيا لن تكتفي بالشرق وستعود للعاصمة كييف متى سنحت الفرصة لذلك، بوتن لن ينسى الهزائم التي تلقاها في الشمال، والقصف المتكرر لكييف لإرهاب السكان الذين ساعدوا الجيش الأوكراني في بداية العملية العسكرية".
وأضاف رادسيوسيني، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن "الغرب أيضا لا يريد إنهاء المعركة في محاولة لاستنزاف قدرات روسيا وإضعافها اقتصاديا وعسكريا، لافتا إلى أن بيلاروسيا ستكون منصة انطلاق الصواريخ نحو كييف".
وأشار إلى أن "روسيا لن تكرر أخطاءها في كييف عبر أي إنزال جوي أو معركة برية، موسكو غيَّرت تكتيكاتها ورأت أن قصف المدن وتسويتها بالأرض، يأتي بنتائج إيجابية؛ لذلك من المحتمل أن يتصاعد الوضع في كامل أوكرانيا".
وأوضح أنه مع الدعم الغربي الواسع لكييف بالأسلحة الثقيلة سيكون من الصعب على روسيا الاستيلاء عليها بسهولة ما قد يدفع نحو التفاوض على الشرق في مقابل وقف استهداف العاصمة وهو ما ترفضه السلطات الأوكرانية وسط مشهد يزداد تعقيدا يوما تلو الآخر.
قدرات هائلة لـ"إسكندر إم"
وخلال اجتماعه مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو في سان بطرسبرغ، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، أن بلاده تعتزم تزويد بيلاروسيا بأنظمة صواريخ إسكندر-إم المزودة بقدرات نووية في الأشهر المقبلة، في الوقت التي تعزز فيه قواته من مكاسبها في مدينة سيفيرودونيتسك شرقي أوكرانيا.
وقال بوتن إن "أنظمة إسكندر يمكن أن تستوعب كلا من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز التقليدية والنووية على حد سواء"، ووفقا لوسائل الإعلام الروسية، يصل مداها إلى 500 كيلومتر، وتبلغ سرعة الصاروخ 230-260 مترا في الثانية، وتساوي حمولته القتالية 500 كيلوغرام، فيما يضم طاقم المنظومة 3 أفراد.
وكانت روسيا طورت المنظومات "إسكندر-إم" في التسعينيات من القرن الماضي، وبدأ تجهيز الجيش الروسي بها في عام 2006، ويمكن التحكم بالصواريخ الباليستية التي تطلقها المنظومة طوال تحليقها، وهذا ما يجعل اعتراضها بوسائل الدفاع الجوي أمرا صعبا للغاية، كما يمكن استخدام هذه المنظومة لإطلاق صواريخ "إر-500" المجنحة عالية الدقة.
وأوضح الرئيس الروسي أيضا أن روسيا ستساعد بيلاروسيا على تحديث أسطولها من الطائرات المقاتلة من طراز سوخوي-25.
تعهدات زيلينسكي
وفي المقابل، كرر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في كلمة عبر الفيديو، تصميمه استعادة جميع المدن الأوكرانية التي استولت عليها روسيا، مشيرا إلى سيفيرودونتسك بالاسم، إلى جانب دونيتسك ولوغانسك وميليتوبول وماريوبول.
وتعهد زيلينسكي بأن "جميع المدن الأوكرانية الأخرى التي تخضع لسيطرة روسيا مؤقتا ستعود إلى أوكرانيا مرة أخرى"، رغم أنه أقر أيضا بأن أوكرانيا استهدفت بحوالي 45 صاروخا روسيا على مدار اليوم، وشدد على أن بلاده بحاجة إلى مزيد من المساعدات العسكرية.
وقال الرئيس الأوكراني إن أوكرانيا كانت تمر بمرحلة من الحرب صعبة أخلاقيا وعاطفيا. وأضاف: "ندرك أنه لا يزال بإمكاننا حماية البلاد".