مُني تحالف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بهزيمة ثقيلة في الانتخابات التشريعية التي جرت آخر جولة لها بالبلاد، الأحد، ووصفت رئيسة الحكومة الحالية إليزابيث بورن نتائجها بأنها تمثل "خطرا على البلاد".
ولم يتمكن تحالف الرئيس "معا" من حصد أغلبية برلمانية تكفل له تشكيل الحكومة الجديدة، مقابل منافسيه من اليسار الراديكالي واليمين المتطرف، مما يعني أنه سيواجه حتما سيناريو المساكنة السياسية مع رئيس وزراء من خارج تحالفه، أو سيكون مضطرا لعقد تحالفات جديدة.
ولم تمنح نتائج الانتخابات البرلمانية التي أعلن عنها الأحد، الأغلبية لأي حزب، فضلا عن تحقيق اليمين المتطرف بزعامة ماريان لوبان تقدما كبيرا، ما قرأه مراقبون بأنه سيؤدي إلى "انقسام المشهد السياسي إلى 3 كتل، هي الوسط بقيادة ماكرون، واليمين المتطرف بقيادة لوبان، وتحالف اليسار بدءا باليسار الراديكالي وصولا إلى الاشتراكيين، بقيادة جان لوك ميلنشون (الاتحاد الشعبي البيئي والاجتماعي الجديد)".
ورغم حصول تحالف "معا" على أكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية (البرلمان) المؤلفة من 577 مقعدا، فإنه لم يبلغ العدد المطلوب لتشكيل أغلبية مطلقة، في تصويت شهد أداء قويا من تحالف اليسار واليمين المتطرف.
وأظهرت الأرقام النهائية، حصول معسكر ماكرون المنتمي لتيار الوسط على 245 مقعدا، أي أقل من العدد اللازم لتحقيق الأغلبية المطلقة، الذي يبلغ 289 مقعدا.
في المقابل، حقق اليمين المتطرف بزعامة لوبان قفزة تاريخية، بحصوله على 89 مقعدا ليفوز بكتلة برلمانية للمرة الأولى منذ عام 1986.
من جانبه، فاز تحالف أحزاب اليسار وأقصى اليسار بزعامة جان لوك ميلنشون بـ149 مقعدا، حسب التقديرات، مما يؤهله لأن يكون أول قطب معارض في البلاد.
ويبدأ ماكرون، الإثنين، بالبحث بشكل جاد عن تحالف سريع لتشكيل الحكومة المرتقبة في البلاد، وسط تحديات كبرى واحتمالات بعدم قدرته على تجاوز منافسيه.
وفي السياق، قالت رئيسة الوزراء مع ظهور النتائج النهائية في وقت متأخر من يوم الأحد: "سنعمل اعتبارا من الغد على تشكيل أغلبية، لضمان تحقيق الاستقرار لبلدنا وتنفيذ الإصلاحات اللازمة".
ويرى السياسي الفرنسي مراد الحطاب، أن "الفرنسيين عاقبوا ماكرون وحزبه بهذه النتائج في الانتخابات، ردا على الإدارة السيئة لعدد من الملفات خلال فترة ولايته الأولى منذ عام 2017، وعدم قدرته على احتواء الأزمات المتعاقبة على الفرنسيين، في مقدمتها الأزمة الاقتصادية".
وفي حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، توقع الحطاب أن "يجد ماكرون صعوبة في عقد تحالفات مستقبلية مع القوى السياسية التي تشارك حزبه في الأغلبية البرلمانية".
وأرجع السبب في ذلك إلى أن ماكرون "لا يملك برنامجا إصلاحيا قويا، ومعظم الإجراءات التي أعلن عنها مسبقا بخصوص قوانين الرعاية الاجتماعية أو قانون المعاشات والتقاعد، تصطدم مع ما يريده الشارع، لذلك سيتوجب عليه تعديل أجندته مسبقا".
وأكد الحطاب على "أهمية أن تضع الحكومة المقبلة الاقتصاد في مقدمة أولوياتها، لأن الضغط الاقتصادي لا يمكن تحمله، وهذه ليست سوى البداية".
وأشار إلى أن التضخم وصل في فرنسا إلى 7 بالمئة، إلى جانب "النقص غير الطبيعي في الغذاء في فرنسا، بينما كانت الزراعة الفرنسية قوية قبل بضع سنوات، وهو أمر يسأل عنه الرئيس وحكومته، ويحتاج إلى حلول عاجلة ومنجزة لا تزال غائبة".