بعد أكثر من 3 عقود من التراجع، كشفت إحصائيات غربية نمو الترسانة النووية العالمية لأول مرة منذ الحرب الباردة، حيث زادت القوى النووية نفقات تحديث أسلحتها بحوالي 9% العام الماضي وسط تفاقم التوترات العالمية والحرب الروسية في أوكرانيا.
وبحسب تقرير الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية "آيكان، الصادر الثلاثاء، فإن الولايات المتحدة وحدها أنفقت 44.2 مليار دولار على برنامجها النووي العام الماضي، بزيادة 12.7% عن العام السابق.
كما كشف تقرير لمعهد "ستوكهولم الدولي لبحوث السلام" أن عصر نزع الأسلحة يقترب من نهايته وأن خطر حدوث تصعيد نووي هو الآن في أعلى مستوياته في فترة ما بعد الحرب الباردة.
مخاطر حرب نووية
وتعقيبا على ذلك، قال المحلل المتخصص في الشؤون الأمنية والاستراتيجية ليون رادسيوسيني إنه رغم اتفاقيات الحد من انتشار الأسلحة وخفض الصواريخ بين قطبي القوى العظمى روسيا والولايات المتحدة فإنهما لايزال في خضم سباق نووي انضم إليه مؤخرا التنين الصيني.
وأضاف رادسيوسيني، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن حرب أوكرانيا واصطفاف قوى بجانب أخرى ضد طرف آخر زاد من حدة سباق التسلح النووي خاصة وسط خصومة تزداد بين أكبر 3 قوى تملك أسلحة نووية وحتى المتحالفين بينهم صراعات وخلافات أكثر مما يجمعهما، فأي تحديث لبكين وموسكو في أسلحتهما يزيد الضغط على المسؤولين الأميركيين لتسريع تحديث ترسانة واشنطن.
وأشار إلى أن تهديد روسيا باستخدام الأسلحة النووية في حرب أوكرانيا في ظل هذا العدد الكبير من الترسانة النووية يدعو إلى القلق، وعلى الدول الكبرى أن توقف هذا السباق منعا لاندلاع حرب نووية عالمية قد تفني الحياة على كوكب الأرض.
وأكد على ضرورة أن يكون هناك دور أقوى للأمم المتحدة ومؤسسات المجتمع الدولي لوقف الحد من التسلح النووي وتطبيق معاهدة حظر الانتشار وألا تبقى حبرا على ورق.
زيادة نفقات التسليح النووي
وأزاح تقرير "آيكان" الستار عن زيادة طفيفة في الميزانيات التي خصصتها كل من روسيا (8.6 مليار دولار) وفرنسا (5.9 مليار دولار) وبريطانيا (6.8 مليار دولار) للأسلحة النووية.
فيما خصصت باكستان 1.1 مليار دولار لسلاحها النووي مقابل مليار في العام السابق، وخفضت الهند نفقاتها في هذا القطاع إلى 2.3 مليار دولار مقابل 2.5 مليار عام 2020، أما إسرائيل التي لا تعترف رسميا بامتلاكها السلاح النووي، فخصصت 1.2 مليار دولار كما في العام السابق، بحسب التقرير الذي قدر نفقات كوريا الشمالية على برنامجها النووي عام 2021 بـ642 مليون دولار بالمقارنة مع 700 مليون عام 2020.
تراجع أعداد الأسلحة النووية
ووفق تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام "سيبري" فإنه لدى القوى النووية التسع (بريطانيا والصين وفرنسا والهند وإسرائيل وكوريا الشمالية وباكستان والولايات المتحدة وروسيا) 12705 رؤوسا حربية نووية في أوائل 2022.
ولا تزال روسيا أكبر قوة نووية مع 5977 رأسا حربيا في أوائل عام 2022، بانخفاض 280 عن العام الماضي، سواء كانت منتشرة أم مخزنة أم تنتظر التفكيك، وفقا للمعهد الذي قال إن أكثر من 1600 من رؤوسها الحربية يُعتقَد أنها جاهزة للاستعمال.
من جهتها، تمتلك الولايات المتحدة 5428 رأسا حربيا، أي أقل بـ120 من العام الماضي، لكن لديها رؤوسا منتشرة أكثر من روسيا، ويبلغ عددها 1750.
من ناحية الأرقام الإجمالية، تأتي الصين في المرتبة الثالثة (350)، تليها فرنسا (290)، وبريطانيا (225)، وباكستان (165)، والهند (160)، وإسرائيل (90).
وإسرائيل هي الوحيدة من بين الدول التسع التي لا تعترف رسميا بامتلاكها أسلحة نووية.
أما بالنسبة لكوريا الشمالية، فقال المعهد إن نظام كيم جونغ أون يمتلك للمرة الأولى الآن 20 رأسا نوويا.
ويُعتقد أن بيونغيانغ لديها ما يكفي من المواد لإنتاج حوالي 50 رأسا.
لا يمكن كسب الحرب النووية
في أوائل 2022، أصدرت الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والمسلحة نوويا -بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة- بيانًا مفاده بأنه "لا يمكن كسب الحرب النووية ويجب عدم خوضها أبدا".
ورغم ذلك، أشار المعهد الدولي لبحوث السلام إلى أن الدول الخمس "تواصل توسيع أو تحديث ترساناتها النووية ويبدو أنها تزيد من أهمية الأسلحة النووية في استراتيجياتها العسكرية".
وأضاف أن "الصين في خضم عملية توسيع كبيرة لترسانتها من الأسلحة النووية، والتي تشير صور الأقمار الصناعية إلى أنها تشمل بناء أكثر من 300 صومعة صواريخ جديدة". ووفقًا للبنتاغون، يمكن أن يكون لدى بكين 700 رأس حربي بحلول عام 2027.