خلافات تاريخية متراكمة تهدد باستمرار التصعيد بين اليونان وتركيا الفترة القادمة، وفق محللين سياسيين يونانيين وأتراك في تعليقهم على تهديدات الحكومة التركية لأثينا بشأن ملف جزر شرق بحر إيجة.
وصرَّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الخميس، بأنه يتعين على اليونان التوقف عن تسليح الجزر.
وأضاف أردوغان أثناء حضوره عرضًا عسكريًّا على الساحل الغربي لتركيا، أن على اليونان تجنب الأحلام والأفعال والتصريحات التي قد تندم عليها.
كان رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، قال، الثلاثاء، إن بلاده شهدت وابلًا غير مسبوق من الانتهاكات التركية للمجال الجوي، وعودة مستمرة إلى التأكيدات التي لا يمكن تصورها بشأن تقليص السيادة المفترضة على الجزر اليونانية.
بداية التصعيد الأخير
تصاعد التوتر بين الجارتين بعد أن حث رئيس الوزراء اليوناني، في جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي، على عدم إسقاط الحظر المفروض على عضوية تركيا في برنامج شراء الجيل القادم من الطائرات المقاتلة F-35.
وأتى رد أردوغان بقوله إنه لم يعد يعترف بالزعيم اليوناني، وسيرفض مقابلته في قمة قريبة.
واتهم أردوغان اليونان، الحليفة في حلف الناتو، بالسعي لمنع بيع طائرات أميركية الصنع طراز "إف -16" إلى تركيا، وصعَّد باتهامها بإيواء "إرهابيين"، قائلًا إن السماح بإعادة قبول أثينا في الكتلة الأمنية عام 1980 كان خطأ.
صراع الجزر
وإلى جانب أردوغان، وصف رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجلي، المشارك في التحالف الحاكم، الـ12 جزيرة يونانية على بحر إيجه، بأنها أملاك مسروقة يجب إعادتها لمالكها الأصلي، إما طواعية أو عنوة.
وهدد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، بالطعن في سيادة الجزر إذا لم تنزع سلاح أثينا عنها.
جاء الرد اليوناني على التهديدات عبر وزير الخارجية اليوناني، نيكوس دندياس، بأن دعا حلفاء أثينا ألا يذعنوا لما وصفها بابتزازات تركيا وخطابها العدواني.
وأضاف أن أنقرة تمارس إجراءات غير مسبوقة ضد سيادة اليونان، مشيرًا إلى أنه "كان ردنا بصبر وتماسك، ولم نستجب للخطاب المتطرف من الطرف الآخر لبحر إيجه.. نختار طريقنا والوقت الذي سنقوم فيه بالرد".
وتطالب تركيا اليونان بعدم عسكرة جزرها الشرقية؛ التزامًا بما ورد في معاهدات لوزان 1923 وباريس للسلام عام 1947، التي تنازلت بموجبها أنقرة عن السيادة على الجزر لليونان.
من جانبها، ترد اليونان بأن العسكرة ليست إلا رد فعل على وجود قطع الإنزال على طول الساحل الغربي التركي.
حالة تأهب قصوى
وكرد على التصعيد، وضعت اليونان قواتها المسلحة في حالة تأهب قصوى عند شرق بحر إيجه، وقبل أيام، تقدمت بشكوى إلى الأمم المتحدة تتهم تركيا بانتهاك سيادتها على الجزر.
خلافات متراكمة
يعلق المحلل السياسي التركي، هشام جوناي، بأن اليونان تحاول استغلال توتر العلاقات بين أنقرة وواشنطن، كي تقدم نفسها بديلًا لأنقرة في المنطقة، مثل أن يتم نقل القواعد الأميركية إلى اليونان، وهو ما تراه أنقرة تهميشها لدورها.
ويوضح جوناي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه إضافة لذلك، تخشى اليونان من إقدام تركيا على فتح أبواب الهجرة غير الشرعية أمام اللاجئين نحوها، والعام الماضي أحبطت اليونان محاولة 40 ألف شخص للتسلل وأعادتهم إلى تركيا.
وأشار إلى أن هناك ملفات أخرى تجدد خلافات الدولتين، كالأزمة القبرصية والخلاف على الثروات الطبيعية في شرق المتوسط، وقرار البرلمان اليوناني بمد الجدار الحدودي مع تركيا.
أما المحلل السياسي اليونانى، إلياس سيكناتاريس، فتعجّب من تهديدات دولت بهجلي باسترداد الجزر بالقوة، معتبرًا أنها لإثارة حماسة الجماهير، وقال: "لا بد أن تصريحاته لاقت كثيرًا من الحماس والتصفيق من جانب الحضور".