هاجم مستخدمو "تويتر" الفرنسيون، الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، بعد انتقاد الأخير تصريحات نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون حول عدم جواز إهانة روسيا، ووجوب التفكير باستعادة التعاون معها في المستقبل.

ودان زيلينسكي، في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، تصريحات ماكرون، منتقداً محاولات بعض الحلفاء الغربيين وضع شروط لوقف إطلاق النار دون مشاركة كييف.

وماكرون هو الرئيس الأوروبي الأول الذي التقى نظيره الروسي فلاديمير بوتن من أجل الوساطة ووقف العملية العسكرية الروسية؛ في محاولة للتهدئة وتقليل من تكلفة العملية العسكرية سياسيّاً واقتصاديّاً على القارة العجوز.

المصالح الاقتصادية

ويقول الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية سولونوف بلافريف، إن أوروبا بالكامل أصبحت في الوقت الحالي تخشى استمرار الوضع الكارثي الناجم عن استمرار العملية الروسية التي دخلت شهرها الرابع، وسط إخفاق أوروبي كبير في حل الأزمة التي تعيش "عسكرة ملتهبة".

وأوضح سولونوف بلافريف، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن فرنسا تدرك جيداً أنه لا يمكن هزيمة روسيا في أوكرانيا رغم انغماسها مع العديد من الدول الغربية كأميركا وبريطانيا وألمانيا في فرض عقوبات على موسكو.

وبالنظر إلى سجل التجارة بين باريس وموسكو خلال السنوات الثلاث الماضية، نجد أن باريس تعتمد بشكل كبير على المعادن الروسية، مثل البلاديوم والتيتانيوم والنيكل والكوبالت والتنغستن والبلاتين والنحاس، وبدون هذه المعادن لم تعد بعض الصناعات الفرنسية قادرة ببساطة على ضمان إنتاجها.

وأضاف الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، أنه حال قررت روسيا تقييد مبيعاتها، فإن الأسعار العالمية سترتفع بشكل حاد، وسيؤثر التضخم في هذه المنتجات الأولية حتماً على سلسلة الإنتاج بأكملها.

في السياق ذاته، يقول الباحث المتخصص في الشأن الدولي، محمود البتاكوشي، إن فرنسا تحاول حلحلة الأزمة الروسية الأوكرانية وتقليل الخسائر الأوروبية، والعمل على وضع لوقف الحرب في أسرع وقت ممكن وإنهاء الآثار السلبية السياسية والاقتصادية التي طالت أوروبا كلها، فإطالة أمد الصراع له عواقب وخيمة تمتد آثارها إلى العالم بأثره وليس روسيا وأوكرانيا فقط.

وأوضح البتاكوشي، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن باريس تدرك جيداً أن أفضل حل في الوقت الراهن هو إرضاء بوتين لحلحلة الأزمة التي ذهبت بخسائرها بعيداً، ولم يعد أحد قادر على الوفاء بفاتورة الحرب الباهظة اقتصاديّاً ونزيفها طال كل العالم.

خسارة النفوذ

ملف آخر تخشاه باريس من التصعيد أمام موسكو، وهو خسارة النفوذ بالأخص في القرن الإفريقي، وهنا يُضيف سولونوف بلافريف، ما حدث في مالي والتشاد دليل على تراجع نفوذ باريس لحساب موسكو، وهذا الملف يخشاه ماكرون نظراً للاستثمارات الفرنسية في تلك المنطقة.

ويُوضح الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، أن النفوذ أيضاً بالنسبة إلى فرنسا تراجع داخل أوروبا نفسها التي أصبحت في حالة انقسام حاد، وبالأخص حول حزمة العقوبات السادسة الخاصة بملف الطاقة، على حد وصفه.
وأشار بلافريف إلى ملف آخر يشهد تصدعاً وانقساماً داخل القارة العجوز، وهو استمرار إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، إذ يخشى البعض منها لأنها ربما تطيل أمد الصراع وتزيد من تداعياته على الاقتصاد.

وميدانياً، تضغط روسيا من ثلاثة اتجاهات رئيسية، الشرق والشمال والجنوب، لمحاولة تطويق الأوكرانيين في دونباس، كما تكثف موسكو هجومها على مدينة سيفيرودونيتسك، التي تعد آخر جيب للقوات الأوكرانية في مقاطعة لوغانسك.