في خطوة أثارت حفيظة روسيا، قدمت بولندا وليتوانيا أسلحة ومساعدات رسمية وشعبية لجارتهما أوكرانيا، من أجل مساعدتها على التصدي لعمليات موسكو العسكرية.
وتتهم روسيا بولندا بمحاولة "ضم ناعم" للأراضي الأوكرانية، بعد توقيعهما مؤخرا اتفاقا يقضي بتسهيل عمليات عبور شحنات الحبوب عبر نقاط التفتيش الحدودية المشتركة بين البلدين.
ووفقا لخبراء، فإن الاتفاق سيمنح البولنديين وضعا خاصا في أوكرانيا، وسيضفي شرعية على نقل الجنود من بولندا الدولة العضو في حلف الناتو إلى أوكرانيا، كما قد يمهد لظهور العسكريين البولنديين في المناطق الغربية من البلاد، وربما في شرقها.
أما من جهة ليتوانيا، فبجانب إرسال 20 ناقلة جند مدرعة من طراز M113 ومركبات لإزالة الألغام إلى أوكرانيا، فقد دشنت حملة شعبية لجمع 5 ملايين يورو لشراء طائرات من دون طيار لكييف.
الاتفاق بين بولندا وأوكرانيا
وفي أواخر أبريل الماضي، قال مدير المخابرات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين، إن واشنطن ووارسو تعملان على خطط لتأسيس سيطرة بولندا العسكرية والسياسية على "الممتلكات التاريخية" في أوكرانيا.
وفي موقف جديد، لم يستبعد الرئيس البولندي إندجي دودا انضمام بلاده إلى الحرب ضد المجاعة العالمية إذا استمرت روسيا في منع الصادرات الزراعية الأوكرانية، مضيفا أن محصول بلاده قد يذهب إلى إفريقيا وأميركا الجنوبية وأماكن أخرى.
ونقلت صحيفة "ذا فيرست نيوز" البولندية عن دودا قوله، إن الحرب في أوكرانيا يمكن أن تعطل الإمدادات الغذائية العالمية، لأن "أوكرانيا تشكل في العديد من الأسواق جوهر واردات الحبوب وزيت عباد الشمس والعديد من المنتجات الزراعية الأخرى".
كانت السلطات الأوكرانية والبولندية اتفقت على تسهيل عمليات عبور شحنات الحبوب عبر نقاط التفتيش الحدودية المشتركة بين البلدين.
وحسب الاتفاق، تصدر الحبوب الأوكرانية عبر بولندا بواسطة خطوط السكك الحديدية والشاحنات، حسبما ذكرت وكالة أنباء "إنترفاكس" الروسية.
وقال وزير الزراعة الأوكراني ميكولا سولسكي، إن "الاتفاقية من شأنها تسهيل تصدير شحنات الحبوب عبر الحدود، لا سيما تسريع وزيادة حجم الصادرات الأوكرانية".
ووسط غضب روسي، رد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف الموالي لروسيا، السبت، مهددا بولندا بنفس مصير أوكرانيا، داعيا الرئيس الأوكراني إلى "العودة إلى رشده".
وعن الاتفاقية يقول نائب مجلس الدوما الروسي عن منطقة القرم ميخائيل شيرميت، إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي "أدرك تماما الانهيار الحتمي لأوكرانيا، لأن الجزء الجنوبي الشرقي قد ضاع تماما وأفلت زمام السيطرة عليه، فأصبح يتحرك بشكل محموم نحو النقل الفعلي لسيطرة الأراضي الأوكرانية الغربية إلى بولندا، التي كانت تخطط لمدة طويلة لاحتلال أراض أوكرانية".
كما حذر شيرميت القيادة البولندية من "الأعمال المتهورة المتعلقة بمحاولة منع روسيا من استكمال نزع السلاح واجتثاث النازية من أوكرانيا" وفقا لتعبيره.
ويقول المحلل السياسي الروسي فيكتور شوغالي، إن الاتفاقات الجديدة بين وارسو وكييف هي "ضم ناعم" من بولندا للأراضي الغربية لأوكرانيا.
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "وارسو قررت استعادة 5 مناطق أوكرانية، كما تعتزم الاستفادة بشكل كبير من النزاع بزيادة نفوذها العسكري والسياسي والاقتصادي والثقافي في غرب أوكرانيا".
وتابع: "بولندا لديها رغبة قديمة في ذلك منذ الحرب العالمية الأولى منذ أن اعترفت دول غربية بأحقيتها في بعض أراضي أوكرانيا"، مشيرا إلى أن "الاتفاق سيمنح البولنديين وضعا خاصا في أوكرانيا، وسيضفي شرعية على الوجود العسكري البولندي في مناطق غرب وشرق أوكرانيا".
مساعدات شعبية من ليتوانيا
ومن جهة أخرى، كانت وزارة الدفاع الليتوانية أعلنت أنها ستنقل 20 ناقلة جند مدرعة من طراز M113 إلى أوكرانيا لدعمها في محاربة الهجوم الروسي، بجانب مركبات لإزالة الألغام.
وأكدت وزارة الدفاع الليتوانية تنظيم تدريبات ودورات مختلفة للجنود والمدربين الأوكرانيين، وإعادة تأهيل الجنود وعلاجهم.
وأعلنت الوزارة في بيان: "سنواصل تزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية أيضا".
ومنذ بداية الحرب، سلمت ليتوانيا لأوكرانيا قذائف هاون بكلفة عشرات الملايين من اليوروهات، كما سافر رئيسها جيتاناس ناوسدا إلى كييف لتقديم الدعم في "رسالة قوية من إعلان الاصطفاف السياسي".
كما نظم مئات الليتوانيين، يوم السبت، حملة لشراء طائرات مسيرة عسكرية متقدمة لأوكرانيا، في لفتة تستهدف إظهار التضامن مع دولة أخرى كانت تحت حكم موسكو سابقا.
وجمعت الحملة نحو 4.4 ملايين يورو (4.1 مليون دولار) في 3 أيام فقط من أصل 5 ملايين يورو مطلوبة، وفقا لمحطة "لايسفيس" التلفزيونية الإلكترونية التي أطلقت حملة التبرعات الشعبية.
وتنسق وزارة الدفاع الليتوانية عملية شراء الطائرات المسيرة لأوكرانيا، وقالت لـ"رويترز" إنها تنوي توقيع خطاب نوايا لشرائها من تركيا هذا الأسبوع.