دفعت الجريمة المروعة التي شهدتها ولاية تكساس الأميركية، حين لقي 19 طفلا وبالغان مصرعهم في إطلاق نار بمدرسة ابتدائية، إلى تتبع واستكشاف أسباب الهجوم الدامي وكشف غموضه.
وقال مسؤولون أميركيون إن مسلحا أطلق النار على جدته، ثم أكمل هجومه في مدرسة روب الابتدائية، التي يرتادها أطفال تتراوح أعمارهم بين 7 و10 سنوات، قبل أن يقتله أفراد الشرطة.
وأعلن حاكم ولاية تكساس عن هوية المهاجم، ويدعى سلفادور راموس (18 عامًا)، وقال إنه من سكان يوفالدي التي تبعد نحو 135 كيلومترًا غربي سان أنطونيو.
ووفق صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإن مرتكب الجريمة عانى من التنمر في المدرسة الثانوية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وأثناء ممارسته ألعاب الفيديو بسبب مشاكل في النطق ولكنته، كما ترك منزل والدته بسبب تناولها المخدرات.
كما ذكرت صحيفة "نيويورك بوست" الأميركية أن المراهق "كان يتسم بسلوك غريب، حيث أقدم مرارا وتكرارا على إيذاء وجهه بالسكين من أجل المتعة فقط".
وقال أحد أصدقائه إن سلوك سلفادور كان "يتدهور"، مشيرا إلى أنه كان يخبرهم في المدرسة بأنه يجرح وجهه "لأنه يحب كيف يبدو".
وتشهد الولايات المتحدة عمليات إطلاق نار شبه يومية في الأماكن العامة، وتسجّل المدن الكبرى على غرار نيويورك وشيكاغو وميامي وسان فرانسيسكو، ارتفاعًا لمعدل الجرائم التي ترتكب بواسطة أسلحة نارية، خصوصًا منذ بدء الجائحة في العام 2020.
3 أسباب.. أبرزها التنمر
يرى متخصصون وأطباء أن المرض النفسي بمثابة "أكبر سلاح منفلت في الولايات المتحدة"، ويمثل نسبة كبيرة من الأسباب الرئيسية لجرائم القتل خارج القانون، التي تقع في الولايات الأميركية.
ويعتقد استشاري الطب النفسي جمال فرويز، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هناك 3 أسباب رئيسية تقف وراء تزايد جرائم القتل مؤخرا في أميركا، على رأسها التنمر بين الصغار، الذي يُشكّل عقبات نفسية كبرى لا تمضي سريعًا وتترك ندبات في حياتهم.
وقال فرويز إن "المجتمع الأميركي عبارة عن عرقيات مختلفة، وترتفع فيه نسبة التنمر في المدارس وبين الصبيّة، وقد يكون مرتكب الحادث شعر بالحنق أو الغضب من التنمر عليه، وبالتالي ينتقم من الأطفال الصغار الذين رأى فيهم من يتنمرون عليه عندما كان صغيرًا، وبالتالي تكون عملية تعويضية لشخص مشوه فكريًّا نتيجة التنمر".
ويرى استشاري الطب النفسي أن تعاطي المخدرات من بين أبرز الأسباب، ولذا يجب إجراء تحليل لبيان مدى تعاطيه للمواد المخدّرة من عدمه، إضافة إلى ضرورة معرفة الفحص النفسي، لأن مرتكب الجريمة قد يكون مضطربًا نفسيًّا في الأساس.
إجراءات مطلوبة
وشدد فرويز على أنه للحد من هذه الجرائم، يجب أن يكون هناك وعي بالعلاج للمضطربين نفسيًّا، بالتعامل الطبي الأمثل معهم عبر العلاج النفسي لحماية الكثير من الأرواح، إلى جانب تحديد حمل السلاح وعدم تركه للشراء من قِبل أي شخص والسير به في الأماكن العامة، في ظل سماح الكثير من الولايات الأميركية بذلك والتوسع في إتاحة رخص الأسلحة.
وحسب مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات التابع إلى وزارة العدل الأميركية، فإن عدد الأسلحة المُرخصة في ولاية تكساس منفردة يتجاوز مليون قطعة.
وقبل عام، صدق المشرعون في ولاية تكساس على مشروع قانون يسمح لمعظم الناس بحمل المسدسات بدون الحصول على ترخيص مسبق، بعدما كانت القوانين تتطلب ضرورة الحصول على ترخيص وتدريب وفحص للخلفية الاجتماعية التي يأتي منها الشخص المعني.
لكن الحاكم الجمهوري لتكساس صوّت لصالح التخلي عن القيود التي كان معمولًا بها، بالرغم من التحذيرات التي تطلقها جماعات تقييد استخدام الأسلحة التي ترى أن هذه الإجراءات يمكن أن تعرض حياة الناس للخطر.
وأوضح استشاري الطب النفسي أن انتشار السلاح في المجتمع يُسهل عملية القتل، مدللًا على ذلك بأنه "عندما يكون الشخص في حالة غضب سيفقد السيطرة على نفسه تحت الضغوط النفسية الكبيرة، وقد تدفعه في أي لحظة لارتكاب جريمة".
وأشار فرويز إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن، شدد على ضرورة الحد من انتشار السلاح في المجتمع الأميركي، لكنه ينظر إلى ذلك بأنه "مجرد حديث دون اتخاذ إجراءات حقيقية على الأرض، رغم الكثير من الحوادث التي وقعت في مرات سابقة".
ودعا الرئيس الأميركي إلى الوقوف في وجه لوبي الأسلحة النارية، قائلًا في خطابه أمس من البيت الأبيض: "متى سنقف بوجه لوبي الأسلحة؟"
وأضاف بايدن وبدت عليه علامات التأثر بالحادث: "لقد حان الوقت لتحويل هذا الألم إلى عمل، من أجل كل والد، من أجل كل مواطن في هذا البلد. ينبغي علينا أن نوضح لكلّ مسؤول منتخب في هذا البلد أنّ الوقت حان للتحرّك".
وشدّد على وجوب تشديد قوانين بيع الأسلحة النارية وحيازتها، لا سيما الأسلحة الهجومية.