يبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدأ في تنفيذ وعوده الانتخابية المتعلقة بجعل أوروبا أكثر قوة وسيادة، لاسيما في طرحه تشكيل منظمة تبدد مخاوف دول غير أعضاء بالاتحاد الأوروبي، مع تصاعد القلق من تداعيات الأزمة الأوكرانية.
وفي ختام مؤتمر "مستقبل أوروبا" في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، اقترح ماكرون إنشاء "منظمة سياسية أوروبية" جديدة من أجل ضم أوكرانيا وبريطانيا وجورجيا.
وقدم ماكرون المقترح خلال تعقيبه على إمكانية انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن عملية ضمها ستستغرق عقودا، لذا يصبح تأسيس مجموعة أوروبية جديدة فرصة لإيجاد مساحة للتعاون السياسي والأمني بين دول أوروبا.
كما حرص الرئيس الفرنسي خلال خطابه في ذكرى يوم "أوروبا" الذي يوافق 9 مايو، التأكيد على قوة القارة، وتجديد التزامه بالإصلاحات.
مخاوف القارة
لم يكتف ماكرون بإمكانية انضمام أوكرانيا للمنظمة الجديدة، فشار إلى أن بريطانيا، التي خرجت من الاتحاد الأوروبي قبل 6 سنوات، من الممكن أن تنضم أيضا.
ولقى تصريح ماكرون ترحيبا واسعا من المستشار الألماني أولاف شولتز، الذي شدد على سعادته البالغة، معتبرا قرارات فرنسا تجاه أوروبا دفعة جديدة وقوية للقارة.
سد المخاوف
وعن دلالة طرح ماكرون لهذا المقترح، يوضح طارق زياد وهبي، المحلل السياسي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه يأتي ضمن تحركات لمعالجة مخاوف الدول أوروبية التي لا تمتلك قوة عسكرية تمكنها بمفردها من مواجهة التهديدات، بحسب ما كشفته حرب أوكرانيا.
وضرب مثلا كذلك بألمانيا، التي سارعت لرفع موازنة تسليح جيشها بعد نشوب حرب أوكرانيا، لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، كما تقدمت السويد وفنلندا بطلب للانضمام لحلف الأطلسي.
ومن المتوقع أن يصبح التجمع الجديد إطارا للتعاون الأوروبي، غير خاضع لقواعد اتفاقيات الاتحاد، بل مسرحا للتعاون في اختصاصات كالنظام الديمقراطي وحرية التعبير والمعتقد، بحسب وهبي.
أهداف المقترح
ومنذ بدء حرب أوكرانيا 24 فبراير، توالت طلبات الالتحاق بالاتحاد الأوروبي، حيث وقّع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مطلع مارس طلب الانضمام، وتبعته جورجيا ومولدوفا.
ورغم تلميح رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، إلى احتمالية بدء مفاوضات مع كييف يونيو المقبل، إلا أن مراقبين يرون الأمر في غاية الصعوبة؛ لاستغراق الإجراءات وقتا طويلا وخطوات معقدة وشروطا كثيرة.
وعن أهداف المقترح، يعتبر وهبي، أنه "محاولة للالتفاف على تعقيدات دخول عضو جديد إلى الاتحاد الأوروبي".
وينوه إلى أن توقيته يتعلق بالأزمة الاوكرانية، ورغبة فرنسا في أن تريح أوكرانيا من السقف العالي لطموحات الرئيس الأوكراني الدخول للاتحاد الأوروبي، وألا يظهر أمام روسيا أن قبول عضوية أوكرانيا ردة فعل للحرب؛ لذا يصبح الكيان الجديد ناديا للدول الأوروبية التي لم تدخل الاتحاد حتى الآن.
شروط الانضمام للاتحاد
وتندرج قواعد ضم أعضاء بالاتحاد الأوروبي تحت اسم "معايير كوبنهاغن" التي تتطلب استيفاء الدولة لشروط اقتصاد السوق الحر وقبول تشريعات الاتحاد المتعلقة باليورو.
وتتطلب مفاوضات الانضمام مدة طويلة لكثرة الشروط التي يجب أن تستوفيها الدولة الراغبة في الالتحاق، وبعدها تدرس المفوضية الأوروبية الطلب ودرجة استيفاء الدولة للوائح، وفي حالة موافقتها المبدئية، تبدأ المفاوضات رسميا بين المجلس الأوروبي والدولة.
أما عن الفرق بين الاتحاد الأوروبي والمنظمة الجديدة، فيشير وهبي إلى أن الاتحاد يعد صندوقا ماليا يوزع على دول الاتحاد المساعدات والدعم المالي والتقني، ويؤسس لتوحيد قواعد التفاهم على الشؤون الاقتصادية والضرائبية، بينما الكيان الجديد هو تجمع أوروبي أوسع عنوانه سياسي فقط بمضمون غير واضح حتى الآن، وغير محكوم بقوة اتفاقيات روما وماستريخت ولشبونة.