بعد مرور شهرين على اندلاع الحرب، وفي محاولة لإثبات عمق الالتزام الأميركي بدعم أوكرانيا ومنع سقوطها أمام روسيا، وصل وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيين أنتوني بلينكن ولويد أوستن إلى كييف، حاملين رسائل عدة لطرفي النزاع.
ورغم أن الزيارة لن تتمخض، حسب محللين، عما يمكن اعتباره إحداث فارق جوهري في مسارات الأزمة الأوكرانية، لكنها مثلت خطوة متقدمة في إبداء الدعم والاصطفاف مع أوكرانيا من قبل الولايات المتحدة.
ويقول الخبير الاستراتيجي الزميل غير المقيم في مركز ستيسمون الأميركي للأبحاث عامر السبايلة، إن "الزيارة رغم أنها تبدو من حيث الشكل مشابهة لزيارات العديد من الزعماء والمسؤولين الأوروبيين المتتالية للعاصمة الأوكرانية، فإنها تختلف في كونها أول زيارة من نوعها لمسؤولين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة، التي تقود المجهود الغربي والأطلسي ضد موسكو، وتمثل إقرارا بتقديم المزيد من الدعم الأميركي لكييف بصورة مباشرة على الأرض، وإظهار أنها لم تسقط عسكريا وليست خطرة أمنيا ويمكن زيارتها بالتالي".
ويضيف السبايلة في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن وجود وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين سوية في كييف "إشارة إلى أن الدعم الأميركي لأوكرانيا سياسي وعسكري في آن واحد، خاصة أن الزيارة تتزامن مع وصول دفعات جديدة من الأسلحة الأميركية المتطورة للجيش الأوكراني، وإرسال رسالة مفادها أنه لا يمكن إسقاط كييف مهما طالت الأزمة، حيث بعد أكثر من شهرين على بدء الحرب الروسية الأوكرانية ها هي تستقبل رئيسي المؤسستين الدبلوماسية والعسكرية الأميركيين بصورة علنية".
ويختم الخبير الاستراتيجي حديثه قائلا: "ذلك يعني أننا نتحدث عن معركة طويلة الأمد بين المعسكرين الروسي والغربي في الساحة الأوكرانية، باعتبار أن هناك تركيزا غربيا وأميركيا واضحا على دعم كييف وعدم التخلي عنها، ودفعها لعدم الخضوع لكافة الشروط الروسية، وهذا ما تؤكده بلا لبس زيارة المسؤولين الأميركيين لها".
وفي السياق ذاته، يقول الكاتب والباحث السياسي جمال آريز إن الزيارة "مهمة ولا شك شكلا ومضمونا، لكنها تبقى في إطارها ومغزاها العامين تضامنية معنويا وماديا، وهي بذلك لا تحمل جديدا ولا يمكنها تاليا فرض وقائع وتحولات جذرية في المشهد الأوكراني، خاصة على الصعيد الميداني والعملياتي".
وأضاف: "بعد توالي زيارات العديد من رؤساء الدول والحكومات الأوروبية ومسؤولي منظومة الاتحاد الأوروبي لكييف، فإن واشنطن بدت متخلفة عن الركب التضامني هذا، وهذا العامل غالبا هو الحاسم في القرار الأميركي بالقيام بهذه الزيارة، لهذا علينا عدم تحميلها أكثر مما تحتمل، خاصة أنها تأتي بعد الهدوء النسبي في جبهة كييف العسكرية إثر الانسحاب الروسي من محيطها".
وكان بلينكن أكد خلال مؤتمر صحفي عقده مع أوستن في ختام زيارتهما لأوكرانيا، أن معركة كييف "حسمت لصالح الأوكرانيين"، مضيفا: "تحدثت إلى (الأمين العام للأمم المتحدة) أنتونيو غوتيريش يوم الجمعة، ودعوته إلى إبلاغ رسالة قوية جدا لبوتن بشأن الحاجة إلى إنهاء الحرب".
كما أشار بلينكن إلى أن الدبلوماسيين الأميركيين سيعودون إلى كييف هذا الأسبوع.
وفيما يتعلق بالدعم الأميركي لكييف، قال وزير الخارجية الأميركي: "تتعهد واشنطن بتقديم أكثر من 713 مليون دولار إضافية من المساعدات لأوكرانيا و15 دولة في وسط وشرق أوروبا".
وفي السياق ذاته، قال وزير الدفاع الأميركي إن واشنطن تسعى قدر المستطاع لضمان الوصول الآمن للأسلحة المرسلة إلى الأوكرانيين.
واختتم أوستن حديثه قائلا: "خلال رحلتنا إلى كييف، ما رأيناه يظهر وكأن الحياة بدأت بالعودة إلى الوضع الطبيعي".