بوتيرة متسارعة، يكثّف الغرب حزم المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعدما بدأت روسيا المرحلة الثانية من عمليتها العسكرية في منطقة دونباس، في محاولة لإرهاق الروس كما حدث في مناطق الشمال، إلا أن محللين اعتبروا أن "المساعدات تلهب المعركة ولكنها لا تحسم الحرب".
ووفق مجلة "فورين بوليسي" الأميركية فإن نجاح المقاومة الأوكرانية في مناطق الشمال دفع المسؤولين الغربيين إلى تكثيف مساعداتهم من الأسلحة الثقيلة بعد أن كانت لديهم تخوفات من سقوط سريع لكييف وهو ما دفعهم للامتناع في بادئ الأمر عن إرسال أسلحة مماثلة للحكومة الأوكرانية كونهم لم يكونوا متأكدين من قدرتها على البقاء.
في المقابل، اعتبرت أن الكرملين متعطش لتحقيق انتصار كبير في ساحة المعركة لقواتهم قبل 9 مايو، وهو عيد النصر (ذكرى انتصار روسيا في الحرب العالمية الثانية على ألمانيا النازية)، ما قد ينذر بمعركة حامية الوطيس في شرق أوكرانيا استعدت لها موسكو عبر تعيين قائد جديد للحرب وكذلك الاستفادة من أخطائها بالشمال عبر إنشاء قاعدتين عسكريتين محتملتين لإعادة الإمداد والصيانة.
روسيا غيرت تكتيكاتها
وحول الزخم الغربي تجاه أوكرانيا، قال المحلل الإيطالي المتخصص في الشؤون الاستراتيجية ليون راديكونسيني إن شحنات الأسلحة من الغرب أمر أساسي لأوكرانيا لمقاومة الهجوم الروسي، ومع ذلك فإن وضع دونباس غير مستقر للغاية.
وأضاف راديكونسيني، لـ"سكاي نيوز عربية": "يمثل تركيز الجهود العسكرية الروسية بمنطقة دونباس تهديدًا كبيرًا لأوكرانيا وهو ما قد يقلل من قدرة الأسلحة الغربية على موازنة الأمور، فهي قد تلهب المعركة وتؤخر النصر ولكنها لا تحسمها".
وأشار إلى أن "روسيا غير تكتيكاتها حيث رأت أن خيار قصف المدن وتسويتها بالأرض، مثل ما حدث في ماريوبول، يأتي بنتائج إيجابية ويمكن أن يقلل أيضًا من معنويات المقاومة الأوكرانية، لذلك من المحتمل أن يتصاعد الوضع في منطقة دونباس".
وأكد على أن "بوتن ما زال بحاجة إلى نصر عسكري ومبرر مناسب للتضحيات التي قدمها الروس من أجل هذه الحرب. على الرغم من أن بعض القادة الدبلوماسيين يحاولون الإبقاء على بعض القنوات مفتوحة، يبدو من غير المرجح أن يتفاوض الجانبان على حل دبلوماسي للصراع على المدى القصير".
شبح العنقاء
وكشف الرئيس الأميركي جو بايدن عن مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 800 مليون دولار تشمل أسلحة تلبي احتياجات أوكرانيا المحددة بساحة المعركة.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي إن الحزمة الأخيرة تتضمن 72 مدفع هاوتزر ومركبات تكتيكية لسحبها، بالإضافة إلى 144 ألف طلقة مدفعية تكفي لتجهيز 5 كتائب، وكذلك 120 طائرة بدون طيار تكتيكية من طراز "فينيكس غوست" (شبح العنقاء)، وهي طائرات مسيرة طورتها القوات الجوية الأمريكية "استجابة لمتطلبات أوكرانيا".
ووفق صحيفة بوليتيكو الأميركية فإن "فينيكس غوست" نوع مختلف من الطائرات، فهي ذات اتجاه واحد وفعالة ضد الأهداف البرية المدرعة بشكل متوسط، ويمكن للمسيرة الإقلاع عموديا، والتحليق لما يزيد على ست ساعات بحثا عن هدف أو تتبعه، والعمل ليلًا باستخدام مستشعرات الأشعة تحت الحمراء.
القيصر الفرنسي
وفي مقابلة مع "أويست فرانس"، أقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتزويد كييف، بصواريخ مضادة للدبابات "ميلان"، وكذلك مدافع "قيصر" ذات القدرات الفائقة، مؤكدا أن ذلك "نتيجة للخيارات التي اتخذتها روسيا في دونباس وفي ماريوبول، فمن الواضح جدا أن هناك إرادة للتصعيد من قبل روسيا، مسؤوليتنا حاليا القيام بكل شيء لمساعدة أوكرانيا".
وردا على سؤال حول ما إذا كان يجب دعم كييف بالأسلحة الثقيلة، أوضح ماكرون، أن "الجميع يتحمل مسؤولياته، ونحن ننسق مع ألمانيا، وتحدثت منذ يومين مع المستشار الألماني أولاف شولتز حول هذا الموضوع"، مضيفا: "نحن نقدم معدات كبيرة لأوكرانيا، وأعتقد أنه يتعين علينا الاستمرار في هذا الطريق".
المدمرة البريطانية
بدوره، كشف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أن عشرات الجنود الأوكرانيين يتدربون بالمملكة المتحدة، فضلا عن تدريبات أخرى في بولندا على كيفية استخدام الصواريخ المضادة للطائرات.
ووفق صحيفة "التايمز" فإن بريطانيا تخطط لإرسال دبابات إلى بولندا حتى تتمكن الأخيرة من تزويد أوكرانيا بدبابات من طراز T-72 المدمرة التي تعود للحقبة السوفيتية، وذلك في تصعيد كبير لدعمها العسكري.
أما ألمانيا فعقدت صفقة مع سلوفينيا تقوم الأخيرة بموجبها بإرسال عدد أكبر من الدبابات القتالية من طراز "تي-72" لأوكرانيا، على أن تحصل سلوفينيا في مقابل ذلك من ألمانيا على ناقلة جند مدرعة من طراز "ماردر" وكذلك على مدرعة من طراز "فوكس".