على غرار أبيها جون ماري لوبان، قادت الابنة مارين لوبان اليمين المتطرف في فرنسا، ومثله أيضا، وصلت لجولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية في 2017، كما وصل الأب في انتخابات 2002، لكن الجبهة الجمهورية كانت لهما بالمرصاد وحطمت أحلامهما في دخول قصر الإليزيه، فهل تكسر لوبان لعنة الجبهة الجمهورية وتفوز في الانتخابات الحالية؟
تتمثل الجبهة الجمهورية في تنازل متبادل بين مرشحي اليسار واليمين الجمهوري، في حال تقدم مرشح اليمين المتطرف عليهما، أو على أحدهما، بشكل يسمح له بالتتويج في الدور الثاني، أي تصويت أحدهما للآخر، وبالانسحاب من الدور الثاني، لترك المجال للأوفر حظًا لمنافسة مرشح اليمين المتطرف، وشكلت هذه الجبهة الجمهورية آلية انتخابية قطعت الطريق في عدة استحقاقات انتخابية أمام حزب لوبان سواء في الرئاسيات أو الانتخابات المحلية.
وتسعى الجبهة التي ترفع مبادئ وقيم الجمهورية إلى سد الطريق أمام حزبٍ متطرفٍ، يضع هذه القيم على المحك، بل يعد بالتخلي عن بعضها، وتعديل بعضها الآخر.
فعالية كبيرة
وظهرت هذه الجبهة الجمهورية بشكل فعال في الانتخابات الرئاسية في أبريل 2002، عندما فاز الرئيس السابق جاك شيراك بولاية ثانية، في الدور الثاني بنسبة تخطت 80 في المئة من الأصوات على منافسه جون ماري لوبان، زعيم الجبهة الوطنية آنذاك، بفضل أصوات ناخبي أحزاب اليسار الفرنسي.
وفي انتخابات 2017، تكرر الأمر مرة أخرى، حيث توحدت الأحزاب الفرنسية خلف الرئيس إيمانويل ماكرون، رافعين شعار "لن تمروا" لمنع لوبان مرشحة اليمين المتطرف من العبور للإليزيه، وهو ما جرى حيث فاز ماكرون بنسبة تخطت 66 في المئة من أصوات الناخبين.
وستكون جولة الإعادة هذا العام تكرارًا للمرة السابقة بين ماكرون ولوبان، وقد سارع المرشحون الخاسرون بإعلان دعم ماكرون فيما لم يدعم لوبان سوى إريك زامورا.
خطة جديدة
اختارت ماري لوبان لحملتها، شعار "حان الوقت"، في إشارة إلى أن دورها حان لدخول الإليزيه عبر صناديق الاقتراع.
وللوصول إلى ذلك، أعدت لوبان برنامجًا انتخابيًّا تضمن لائحة طويلة من التعهدات؛ أبرزها زيادة الحد الأدنى للمعاش التقاعدي، ومنع شغل الوظائف من قبل الأجانب، ومحاربة المخدرات، وتدريب ورفع رواتب مقدمي الرعاية والتمريض، وتقنين المساعدات الطبية للأجانب، وإنهاء إلزامية لقاح "كورونا".
ماكرون الأقرب
المحلل السياسي المقيم في باريس، نزار الجليدي، يقول إن ماكرون يبقى الأكثر حظًّا للفوز بولاية ثانية لأنه يملك خطابًا أكثر عقلانية من لوبان، وله مفاتيح النجاح في الجولة الثانية من الانتخابات.
وأضاف الجليدي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه بالرجوع لانتخابات 2017 فقد تصدر مرشح حركة "الجمهورية إلى الأمام" ماكرون نتائج الدور الأول بحصوله على 23.75 في المئة من أصوات الناخبين، في حين احتلت منافسته مرشحة الجبهة الوطنية المركز الثاني بحصولها على 21.53 في المئة.
وتابع المحلل السياسي أن ماكرون حينها حسم الدور الثاني بحصوله على نسبة 66.06 في المئة من الأصوات وخسرتها لوبان التي حصلت على ما نسبته 33.94 في المئة من الأصوات.
وأشار إلى أن ماكرون يبدو في طريق مفتوح لولاية ثانية، متجاوزًا بذلك سلفيه فرانسوا هولاند و نيكولا ساركوزي اللذين فشلا في إقناع الناخبين الفرنسيين في إعادة انتخابهما لولاية ثانية، وهذه النقطة بالذات قد تشكّل حاجزًا نفسيًّا عند ماكرون إذ يخشى من المزاج الانتخابي الفرنسي وربما يتجه من لم ينتخبه في الدور الأول إلى انتخاب ماري لوبان بعدما انتعشت حظوظها في الرئاسة وهي تخاطب كل الفرنسيين اليوم.
الاستعداد للإعادة
وحول الاستعداد للدور الثاني، يقول الجليدي: "تباينت كلمتا المترشحين للدور الثاني من الرئاسة حيث أراد ماكرون أن يظهر بثوب المترشح الفرنسي بعباءة أوروبية، مؤكدًا على أنه سيقوم بتطبيق برنامجه "للانفتاح والاستقلال الأوروبي"، الذي دافع عنه بشكل دائم.
كما شدد على أن انتخابات الجولة الثانية ستكون "حاسمة" لفرنسا وأوروبا، في إشارة إلى دوره الحالي والمقبل في الحرب الروسية الأوكرانية باعتباره المفاوض الرسمي للرئيس بوتن".
ويضيف أن "لوبان ركّزت على خطابها الشعبوي قائلة إنها وحدها من يمكنها حماية الضعفاء وتوحيد أمة سئمت نخبتها، مشددة على أن جولة الإعادة "ستكون اختيار حضارة".