ترتيبات ميدانية روسية واسعة في أوكرانيا خلال الآونة الأخيرة بعدما عدلت خططها وسحبت قواتها من مناطق الشمال، وجعلت أولويتها السيطرة الكاملة على إقليم دونباس، اعتبرها محللون "بداية معارك طاحنة للسيطرة على الشرق قبيل 9 مايو من أجل الاحتفال بانتصار معنوي".
وتواصل القوات الروسية قصفها للمدن الواقعة شرقي وجنوبي أوكرانيا، حيث شن الجيش الروسي المزيد من الهجمات بالمدفعية على أجزاء من منطقتي لوهانسك ودونيتسك، في الوقت الذي يحاول آلاف المدنيين الهروب من شرقي البلاد مع تحول التركيز الروسي في الحرب إلى هذه المنطقة.
وفي خطوة مفاجئة، كشفت وسائل إعلام غربية عن تعيين الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، جنرالا جديدا لقيادة الحرب في أوكرانيا، وهي الخطوة التي اعتبرها مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان بداية لـ"تدبير جرائم وأعمال وحشية بحق المدنيين الأوكرانيين".
وقال سوليفان إن "روسيا تقوم بإعادة تموضع لقواتها بهدف تركيز هجومها على شرق أوكرانيا ومناطق بجنوبها، حاولت إخضاع أوكرانيا بكاملها وفشلت. الآن ستحاول السيطرة على أجزاء معينة من البلاد" مشيرا إلى أن هذه المرحلة الجديدة من الهجوم الروسي "قد تستمر أشهرا أو أكثر".
بدوره، قال سيرغي غاداي، حاكم منطقة لوغانسك، في رسالة عبر الفيديو: "نرى معدات تصل من اتجاهات مختلفة، نرى الروس يعززون صفوفهم ويتزودون الوقود نحن ندرك أنهم يستعدون لهجوم ضخم".
هدف روسيا الرئيسي
ليون راديكونسيني، مدير الشؤون الاستراتيجية في "مركز المعلومات الخليجي الأوروبي" (مقره روما)، قال إن "من المرجح أن يتفاقم الوضع في شرق أوكرانيا في الأيام والأسابيع المقبلة بالنظر إلى أنه حاجة نظام بوتن لأن يسيطر على الأقل على جمهوريات دونباس المستقلة التي نصبت نفسها بنفسها وعلى بحر آزوف".
وأضاف راديكونسيني، لـ"سكاي نيوز عربية": "السيطرة على دونباس قبل 9 مايو واحتفالات عيد النصر هو هدف روسيا الذي سيكون له معنى رمزي مناسب، لكن نتيجة ومدة الهجوم الروسي الجديد ستعتمد في الغالب على قدرة القيادة الروسية على إعادة تنظيم اللوجيستيات ورفع الروح المعنوية للقوات".
فيما اعتبر أن "الدعم الغربي للمقاومة الأوكرانية - وهذا يعني في الغالب المعدات العسكرية - يمكن أن يحسن قدرة أوكرانيا على تحمل العمليات العسكرية وتأخير هدف روسيا".
وتابع: "منطقة دونباس تأثرت منذ عدة سنوات بتصاعد العنف، لكن في حين أن الهجوم الروسي في الشمال، وتحديداً في كييف، لم ينجح في محاصرة العاصمة وقصفها بالأرض، بسبب الأخطاء اللوجيستية التي ارتكبتها القيادة الروسية، يبدو أن هذه التكتيكات تعمل في الجزء الشرقي من البلاد، كما هو الحال في ماريوبول حيث تبدو مقاومة أوكرانيا غير مستقرة أكثر فأكثر".
وحول حديث رئيس جمهورية الشيشيان، رمضان قديروف، حول أن دونباس بداية للسيطرة على أوكرانيا كلها بما فيها كييف، قال راديكونسيني: "حتى الآن ما قاله الزعيم الشيشاني عن الحرب في أوكرانيا دعاية في الغالب. يبدو أقل فأقل أن روسيا ستكون قادرة على السيطرة على الدولة بأكملها، والقيادة الروسية تتفهم ذلك".
وأكد على أن "هدف موسكو الرئيسي هو السيطرة على نهر دونباس، وربما على الجزء الساحلي بأكمله من أوكرانيا، مما يؤدي في النهاية إلى استبعاد الجزء الشمالي والغربي من البلاد من البحر. قد يمثل تحقيق هذا الهدف انتصارًا حاسمًا لروسيا، لكنه سيتطلب وقتًا، وليس من الواضح إلى متى ستكون روسيا قادرة على مواكبة التزامها بالعمليات العسكرية ".
مغادرة السكان فورا
وقبل يومين، دعت الحكومة الأوكرانية سكان شرق البلاد لإخلاء المنطقة فورًا، ونقلت وزارة الاندماج على تلغرام عن نائبة رئيس الوزراء إيرينا فيريشتشوك قولها إن السلطات الإقليمية "تدعو السكان إلى مغادرة هذه الأراضي وبذل قصارى جهدهم لضمان أن تجري عمليات الإجلاء بطريقة منظمة".
واعتبرت أن انسحاب القوات الروسية من منطقتي كييف وتشيرنيهيف في شمال البلاد الأسبوع الماضي "لم يكن بادرة حسن نية" من موسكو في سياق المفاوضات الروسية الأوكرانية بل نتيجة "رغبة جيشنا والسلطات وكل الشعب الأوكراني" في صد الروس.
ووفق صحيفة "واشنطن بوست"، فإن أوكرانيا تستعد لمرحلة جديدة من المعارك أكثر تحديًا في حربها لصد العملية الروسية، حيث ستجعل التضاريس والمساحات المفتوحة الواسعة في الشرق من الصعب على الأوكرانيين إدارة عمليات حرب العصابات كما فعلوا في غابات الشمال والغرب.
وأوضحت أن "الأوكرانيين قد يجدون أنفسهم في مواجهة قتالٍ أكثر صرامة في تضاريس الشرق مما فعلوه في الشمال، حيث وفّرت الأشجار غطاءً للمقاتلين المدججين بالسلاح للتسلل خلف الخطوط الروسية لإطلاق النار على الدبابات والمركبات المدرعة، باستخدام أسلحة مضادة للدبابات مثل صواريخ جافلين".