صوَّت أعضاء البرلمان الباكستاني، يوم الاثنين، على تعيين زعيم المعارضة شهباز شريف، رئيسًا جديدًا للوزراء في البلاد، خلفًا لعمران خان الذي صوّت البرلمان على حجب الثقة منه.
حصل شريف على 174 من أصل 342 صوتًا في البرلمان، وسيشغل منصب رئيس الوزراء حتى الانتخابات العامة المقبلة، والتي من المتوقع إجراؤها في عام 2023.
وسبق أن شغل شهباز شريف، البالغ من العمر 70 عامًا، منصب رئيس وزراء إقليم البنجاب، كما أنه الشقيق الأصغر لنواز شريف رئيس وزراء باكستان سابقًا لثلاث مرات.
شهباز شريف، زعيم حزب "الرابطة الإسلامية" الباكستانية، كان من المقرر أن يواجه وزير الخارجية السابق شاه محمود قريشي، الذي رشحه حزب خان السياسي "تحريك إنصاف". لكن بعد ظهر يوم الإثنين قبل التصويت، استقال جميع نواب خان، بمن فيهم قريشي، بشكل جماعي احتجاجًا على الإجراءات.
القرار الأول
وفي أول خطاب بعد تنصيبه، قال شريف إن "الله تعالى قد حفظ البلاد بسبب الجهود المحمومة لقادة المعارضين المتحالفين".
وأشار رئيس الوزراء الجديد إلى أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ باكستان التي يتم فيها عزل رئيس الوزراء من خلال اقتراح سحب الثقة.
ووصف اليوم بأنه "يوم تاريخي"، وأشار إلى أن سعادة الناس يمكن رؤيتها من خلال المؤشرات الاقتصادية، وذكر شهباز أن الروبية استعادت قيمتها، والتي تم تداولها عند 190 روبية للدولار وأغلقت عند 182 روبية للدولار الاثنين.
وفي أول قرار له، رفع شهباز شريف، الحد الأدنى للأجور لموظفي الحكومة إلى 25000 روبية، وهو ما يطبّق اعتبارًا من 1 أبريل.
تحديات كبيرة
يرى محللون أن حكومة شهباز شريف ستواجه تحديات كبيرة، منها مشكلة في تراكم الديون وتسارع التضخم وضعف العملة الوطنية "الروبية"، ما أدى إلى ركود النمو مدى السنوات الثلاث الماضية، لكن الروبية بدأت الاثنين نسقًا تصاعديًّا أمام الدولار ورُفعت قرابة 1% ووصل سعر صرفها لـ182.93 روبية أمام الدولار.
وكذلك لم تستكمل باكستان تلقي حزمة الدعم التي قدمها صندوق النقد الدولي بقيمة ستة مليارات دولار ووقعها خان عام 2019، لأن الحكومة تراجعت عن اتفاق حول خفض أو إنهاء دعم سلع معينة وتحسين الإيرادات وتحصيل الضرائب.
ومن المشكلات الأمنية الكبرى التي تصاعدت مؤخرًا، ارتفاع وتيرة عمليات "حركة طالبان باكستان"، وهي حركة قائمة بذاتها تشترك في جذورها مع الحركة الأصولية التي تولت السلطة في أفغانستان العام الماضي، وهددت الحركة بشن هجوم واسع على القوات الحكومية خلال شهر رمضان، واتُّهمت في السابق بالمسؤولية عن سلسلة هجمات دامية.
يقول مدير معهد البحوث التاريخية والاجتماعية، جعفر أحمد إن الحكومة الجديدة ستحتاج إلى خوض "تحديات متعددة على مستوى العلاقات الداخلية والخارجية".
مهادنة الجيش
الخبير في الشأن الباكستاني، محمد العقاد المقيم في إسلام آباد، يقول إن "التحدي الأول هو تحسين الأوضاع الاقتصادية ورفع قيمة العملة وخفض مستويات التضخم والبطالة، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية، الكثير يعلمون أن المجال الاقتصادي تضرر كثيرًا في عهد عمران خان، الذي فشل في إدارة هذا الملف، ولذلك يعتبر الملف أولوية كبرى للحكومة الجديدة، لكسب شعبية وحشد الشارع الباكستاني للتصويت لهم في الانتخابات المقبلة في 2023 في حال أكمل البرلمان الحالي مدته الزمنية".
وأضاف العقاد لموقع "سكاي نيوز عربية": "التحدي الثاني هو العلاقات الخارجية خصوصا الولايات المتحدة، وإصلاح الخلافات مع الصين، لأن الصين لديها مشروع اقتصادي مشترك، وهو الممر الاقتصادي المشترك المدرج ضمن مبادرة الحزام والطريق، وهذا المشروع واجه بعض العقوبات خلال عهد عمران خان، وستعمل حكومة شهباز شريف على إصلاح هذا الشرخ في قادم الأيام، وكذلك إزالة الخلافات في العالقة مع بكين".
وأشار إلى "أن الحكومة الجديدة تتكون من تحالف أحزاب المعارضة، وهي التي سبق لها انتقاد الجيش وتدخله في الحياة السياسية، مما أدى إلى توتر العلاقات خاصة مع حزب الرابطة الإسلامية الذي يتزعمه نواز شريف وحزب الشعب الباكستاني، وستعمل هذه الأحزاب في تحسين العلاقات مع الجيش، حتى لا تتصادم مع المؤسسة العسكرية في الحال التحرك بشكل منفرد".