في رد فعل عنيف من قبل بكين، اعتبر وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، ردا على معلومات وتقارير إعلامية تفيد بأن رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي تعتزم زيارة تايوان، أن ذلك سيكون "استفزازا خبيثا ضد سيادة الصين".

وفي محادثة هاتفية مع إيمانويل بون، المستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قال الوزير الصيني إنه: "فيما يتعلق بقضية أوكرانيا، تحث الولايات المتحدة على احترام سيادة ووحدة وسلامة أراضي أي بلد، ولكن فيما يتعلق بمسألة تايوان، فإنها تدوس بشكل صريح على الخط الأحمر لـمبدأ صين واحدة".

وشدد على أن "هذا معيار مزدوج صارخ"، معتبرا أنه "إذا زارت بيلوسي تايوان عن قصد، سيكون ذلك استفزازا خبيثا ضد سيادة الصين وتدخلا صارخا في الشؤون الداخلية لها، وسيرسل ذلك إشارة سياسية خطيرة للغاية إلى العالم الخارجي".

وأردف قائلا: "إذا أصرت الولايات المتحدة على السير في طريقها الخاص، سترد الصين بالتأكيد على نحو حازم وسيتحمل الجانب الأميركي كل العواقب".

ويعتقد مراقبون أن هذه الزيارة المزمعة والتي لم يتم تأكيد حصولها بعد، ليست بمعزل عن الاستقطابات الدولية الحادة على وقع الحريق الأوكراني، وأنها قد تهدف لكبح الاصطفاف الصيني ولو الموارب مع روسيا في الأزمة الأوكرانية، وربما العكس عبر توريط بكين عسكريا في تايوان لاستنزافها اقتصاديا.

أخبار ذات صلة

تحالف "أوكوس" الثلاثي.. عين على الصين وأخرى على أوروبا
هل تدفع الضغوط الأطلسية الصين نحو روسيا أكثر؟

فيما يرى آخرون أن مسألة تايوان هي أشبه بعش دبابير اثارته بطريقة مقصودة، قد تدفع التنين الصيني لنفث نيرانه بما قد يشعل منطقة شرق وجنوب شرق آسيا التي تمتاز بحساسيتها وبتداخل الأجندات الإقليمية والدولية المتصارعة فيها.

وتعليقا على هذا الموقف الصيني، ومدى دقة التسريبات حول حدوث هذه الزيارة، يقول عامر السبايلة، الخبير الاستراتيجي والزميل غير المقيم في معهد ستيسمون للأبحاث، في حديث مع سكاي نيوز عربية: "زيارة بيلوسي المفترضة لتايوان يمكن قراءتها من عدة أوجه، فتايوان هي أحد العناوين الرمزية البارزة للمواجهة الأميركية الصينية، وعادة ما تستخدم واشنطن هذه المسألة وتوظفها كنقطة ارتكاز للضغط عبرها على الصين، وهي ربما تأتي في إطار التصعيد الأميركي على حلفاء روسيا والصين أكبرهم وأهمهم، والدفع بهم لاتخاذ مواقف غير داعمة لموسكو في الأزمة الأوكرانية".

هذه الزيارة إن تمت، يضيف السبايلة: "فهي تندرج ولا شك في إطار تصعيد سياسي واسع، لكن هدفها كذلك هو الضغط على الصين للجمها عن الاندفاع أكثر نحو الاصطفاف مع موسكو، وهي تأتي في خضم تبلور وتشكل المحور الغربي بصورة واضحة، وبالتالي يمكن إرسال رسالة لبكين عبرها من أن ما يحل بروسيا من عقوبات وضغوط، يمكن أن يتكرر مع الصين مع اختلاف طبعا في الكثير من التفاصيل والحيثيات".

 ويضيف الزميل غير المقيم في معهد ستيسمون للأبحاث: "وبصفة عامة لطالما كانت تايوان هي مدخلا لممارسة الضغوطات الأميركية على الصين، ومثلت بوابة للتصعيد لا للتقارب بين واشنطن وبكين، وما يحدث الآن هو تأكيد جديد لهذه القاعدة".

من جهته، يقول ماهر الحمداني، الباحث والخبير في الشؤون الدولية، في حوار مع سكاي نيوز عربية: "زيارة بيلوسي لتايوان هي استفزازية بامتياز، وهي كما تصفها الصين محاولة لدعم المتمردين عليها هناك، وما يزيد من خطورتها أنها تأتي في ظل الأزمة الأوكرانية المحتدة، بما قد يدفع نحو احداث تغيرات دراماتيكية في مسارات العلاقة الأميركية الصينية نحو مواجهة مفتوحة وحادة".

أخبار ذات صلة

الناتو في مرمى نيران التنين الصيني.. بكين تحذر من تمدده شرقا
أميركا والصين وروسيا.. صراع مشتعل عنوانه "أوكرانيا"

ويضيف الخبير في الشؤون الدولية: "رغم أن الصين تقف حتى الآن ولو ظاهريا على الحياد بين موسكو وواشنطن على وقع الحرب الأوكرانية، وتحتفظ بعلاقات ودية مع الطرفين، رغم الانتقادات الغربية والأميركية اللاذعة لها والداعية لاتخاذ مواقف ضاغطة على من قبلها، لكن مع ذلك هي تحرص على لعب دور ايجابي أقرب للتوسط والحياد بين طرفي الصراع، ومع هذه الخطوة الأميركية المرتقبة فإنها ستدفع بكين دفعا نحو التقارب أكثر مع موسكو، ومن يدري ربما ثمة من يراهن في واشنطن من أن يقود التلويح بزيارة بيلوسي لتايوان، لانتزاع تنازلات من الصين في الملف الروسي الأوكراني، كما وثمة من يشير حتى لاحتمالية محاولة توريط الصين في نزاع عسكري في تايوان لإخضاعها للعقوبات الغربية، على غرار ما يحدث لروسيا في أوكرانيا".

هذا وأفادت تقارير إعلامية بأن من المقرر أن تقوم رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، بزيارة تايوان، في استعراض تاريخي للدعم الأميركي للجزيرة، وهو أمر من شأنه أن يثير المزيد من الاحتجاجات من جانب الصين.

ومن المقرر أن تصل بيلوسي إلى تايبيه، الأحد المقبل، عقب زيارة لليابان، وفقا لما ذكرته الخميس وسائل إعلام تايوانية ويابانية، من بينها شبكة فوجي الإخبارية، نقلا عن مصادر لم تفصح عنها.
وهذه الزيارة المفترضة ستكون الأولى منذ نحو ربع قرن لرئيس لمجلس النواب الأميركي، لا يزال في منصبه، منذ زيارة نيوت غينغريش للجزيرة في عام 1997.

 ورفضت المتحدثة باسم وزارة الخارجية التايوانية، جوان أو، التعليق خلال مؤتمر صحفي عند سؤالها عن الزيارة المحتملة، وقالت إن الحكومة ستصدر بيانا في الوقت المناسب.

فيما شدد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو لي جيان، على أن بكين تعارض بشدة كافة أشكال التفاعلات الرسمية بين الولايات المتحدة وتايوان.

الصين تحرك قطعاً حربية في اتجاه تايوان

مصيفا أن زيارة بيلوسي لتايبيه تنتهك مبدأ صين واحدة بين بكين وواشنطن، وتبعث رسالة خاطئة إلى من يدعمون استقلال تايوان.

وهدد تشاو: "إذا قامت (بيلوسي) بالزيارة، سوف تتخذ الصين إجراءات قوية وتتحمل الولايات المتحدة التداعيات".

وستكون هذه الزيارة هي الأحدث في سلسلة من الزيارات التي قام بها مسؤولون أميركيون بارزون لتايوان خلال الأعوام الماضية، والأرفع مستوى خلال رئاسة جو بايدن للولايات المتحدة.