في الوقت الذي كان ينتظر أن يقدم الرئيس السابق، نيكولا ساركوزي دعمه في السباق الرئاسي لصالح مرشحة الجمهوريين، فاليري بيكريس، اختار أن يظل صامتا ولم يطلب من مناصريه التصويت لصالح عائلته السياسية، كما لم يقدم أي نصائح قبل الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي ستعقد في غضون ثلاثة أيام.
خالف مؤسس حزب الجمهوريين، نيكولا ساركوزي توقعات صفوف اليمين، بعد أن ظل غائبا عن الحملة الانتخابية لبيكريس ولم يدعم حتى الآن بشكل رسمي وواضح مرشحة الحزب التي ما زالت تكافح لتفرض نفسها بين المرشحين الإثني عشر لتسلم مفاتيح الإليزيه.
كما أن صيحات الاستهجان وحادثة "الصافرات" من طرف أنصار بيكريس عندما ذكر اسم ساركوزي في اجتماعها الباريسي الأخير في بورت دو فرساي يوم الأحد، الثالث أبريل، لم يستسغها الرئيس السابق، مما زاد من تأزم علاقة لم تكن أبدًا متناغمة خلال الأسابيع الأخيرة.
لماذا صمت ساركوزي؟
يعتقد العديد من الفاعلين السياسيين أن نيكولا ساركوزي لا يريد أن يرى رئيسًا يمينيًا جديدًا من بعده، وهذا أمر يفسره المحلل السياسي، أولفييه روكن بـ"التكبر الذي يصيب بعض السياسيين الكبار".
ويضيف في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية"، "وبعيدا عن هذا التصور، الحملة التي خاضتها بيكريس كانت بعيدة عن انتظارات ساركوزي على عدة مستويات. خصوصا عدم قدرتها على حشد وإقناع المناصرين وخطاباتها المتناقضة، بالإضافة إلى الكاريزما السياسية التي تنقصها أثناء إلقاء الخطابات الانتخابية. هي فعلا لم تبهر الرئيس السابق".
ومن جانب أخر، يرى المحلل السياسي أن تقاربا كبيرا جمع الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته، إيمانويل ماكرون بالجمهوري ساركوزي خلال الأربع سنوات الأخيرة. "فقد أجريا عدة لقاءات وجمعتهما حوارات علنية متعددة. وهو يعلم جيدا أن العديد من أنصار الحزب الجمهوري تكتلوا خلف ماكرون".
وبتابع "هذا بالإضافة إلى أنه كلما ابتعد ساركوزي عن تاريخ توليه السلطة عام 2007، أصبحت الصورة العامة لديه هي صورة رئيس سابق أقل تسييسا وأقل ارتباطا باليمين الكلاسيكي".
بين الرفض والقبول
ووفقًا لاستطلاع وكالة "إيفوب" الذي قامت به لصالح جريدة "لو جورنال دو ديمونش"، يعتقد 67 في المئة من الفرنسيين أن رئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي كان محقًا في عدم إعطاء أي تعليمات بشأن التصويت.
لكن قرار ساركوزي أغضب أنصار بيكريس والمتعاطفين اليمينيين، فـ 74 في المئة منهم لا يوافقون على صمت بطلهم السابق ويلومونه على عدم ولائه للحزب السياسي الذي أعاد تأسيسه في عام 2015.
في المقابل، يثني 79 في المئة من مؤيدي ساركوزي على سلوكه الذي غالبًا ما يتم فهمه على أنه دعم ضمني لإيمانويل ماكرون. الأمر الذي يحرج معسكره، خوفا من أن يستخدمه الرئيس المنتهية ولايته لصالحه لجذب جزء من ناخبي اليمين إليه.
إلا أن المحلل السياسي، أولفييه روكن، يعتبر أن قرار عراب الجمهوريين بعدم تبني حملة بيكريس يسمح له بالظهور كرئيس سابق يفضل المصلحة العامة للبلاد ويبتعد عن الميل إلى أي جهة سياسية".
وبحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن مرشحة الجمهوريين التي تتبنى خطا ليبراليا على المستوى الاقتصادي وحازماً في القضايا السيادية، حصلت على 8 إلى 11 في المئة فقط من نوايا التصويت، مقابل 16 إلى 17 في المئة في شهر فبراير الماضي.
وأصبحت المرشحة في المركز الخامس خلف إيمانويل ماكرون ومارين لوبان وجان لوك ميلينشون وإريك زيمور، مما يصعب تخيل وصول أول امرأة تمثل اليمين في الانتخابات الرئاسية إلى الجولة الثانية الأحد المقبل.