ناقش الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن، مع أعضاء مجلس الأمن الروسي مسار العملية العسكرية الخاصة لبلاده في أوكرانيا، وكذلك المفاوضات بين موسكو وكييف.
وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين: "ناقش المشاركون في الاجتماع مسار العملية العسكرية الخاصة الجارية، وكذلك المفاوضات بين الوفدين الروسي والأوكراني"، مضيفًا أنه تم التأكيد على الحاجة إلى رد فعل مضاد لأعمال التخريب المعلوماتية وغيرها من قِبل الجانب الأوكراني، كما كان الحال في مدينة بوتشا.
بالتزامن مع الاجتماع، قدمت وزارة الدفاع الروسية، أخطر تقييم منذ انطلاق العملية العسكرية في أوكرانيا، واصفة تزايد الخسائر في صفوف القوات والأضرار الاقتصادية بأنه "مأساة"، فماذا يحدث على الأرض؟
الجميع ينزف
بالتأكيد الجميع خاسر، هكذا أكد خبراء ومحللون خلال تصريحاتهم لـ"سكاي نيوز عربية"، ويقول الأستاذ المساعد بالعلاقات الدولية في جامعة لوباتشيفسكي الروسية، عمرو الديب، إن الجميع بالطبع ضد العنف واستخدام القوة، لكنّ هناك أسبابًا عديدة دفعت موسكو لشن تلك العملية العسكرية المحدودة في 24 فبراير الماضي.
ويؤكد الأستاذ المساعد بالعلاقات الدولية، أن العملية الروسية ليست تحركًا عسكريًّا شاملًا، بل عملية محدودة ومرتبطة بقصف أهداف أوكرانية معينة ومحددة كانت تشكل خطرًا حقيقيًّا على الأمن الروسي.
وفيما يخص الانسحاب الروسي من أطراف العاصمة الأوكرانية كييف، يوضح عمرو الديب أن العاصمة لا تشكل أهمية استراتيجية أو عسكرية، والدليل تراجع القوات الروسية إلى حدود بيلاروسيا ومناطق الشرق لتعزيز المناطق التي تمت السيطرة عليها بالفعل والتي تشكل هدفًا رئيسيًّا للعملية وليس العاصمة.
وعن القصف الروسي للعاصمة وحصارها، يقول الديب، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، إن هذا كان تهدف من خلاله موسكو إيصال رسالة، وهي استهداف العاصمة للضغط على أوكرانيا في عملية التفاوض.
يعيش الاقتصاد العالمي الآن؛ حالة من التخبط الشديد وليست روسيا وحدها فالجميع ينزف، هكذا أكد سولونوف بلافريف، الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، مضيفًا أن موسكو تعاني بالفعل جراء العقوبات وجراء تلك العملية، لكن الغرب أيضًا وواشنطن يعانيان من ارتفاع أسعار الوقود والطاقة التي توفرها موسكو لهؤلاء، على حد وصفه.
في السياق، قال رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، إن اقتصاد البلاد يواجه أصعب موقف منذ ثلاثة عقود بسبب العقوبات الغربية غير المسبوقة.
وأضاف الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن أوكرانيا طالبت من حلفائها الغربيين مرارة التوقّف عن شراء النفط والغاز الروسيين، لكنْ هناك انقسام داخلي بينهم حول تلك النقطة.
انتهاء العملية قريبًا
موعد لا يزال حائرًا بين الجانبين والقوى المساهمة في تلك الأزمة، حيث قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الخميس، إن دول الحلف اتفقت على تعزيز الدعم المقدم لأوكرانيا، بخلاف تدريب العشرات من عناصر جيشها.
إعلان ينذر بإطالة أمد العملية العسكرية، وهنا حذر سولونوف بلافريف، الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، من استمرار العملية لأشهر نتيجة الدعم السخي من واشنطن والغرب لأوكرانيا.
وأضاف سولونوف بلافريف أن أوكرانيا في وضع الآن يجعلها تقبل بشروط السلام، والدفع نحو التوصل لوقف إطلاق النار ومنع سقوط قتلى من الجانبين وليس جانبًا واحدًا فقط، متوقعًا هدوء في العملية العسكرية وإفساح المجال أكثر للمباحثات الثنائية.
وأوضح الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، أنه بالنظر إلى جولات المباحثات الأخيرة، نجد أن هناك تقدّمًا بعد أن أدركت أوكرانيا أن الغرب لن يقدم لها الدعم الذي كانت تتوقعه، مستنكرًا حملات التشوية الإعلامية التي تدار من الغرب تجاه موسكو للتأثير على سير المباحثات.
ويُواصل الجانبان تبادل الاتهامات بشأن وقوع جرائم حرب وانتهاكات، إذ فتحت موسكو تحقيقًا جنائيًّا بشأن تعرض جندي روسي للضرب وتلقي تهديدات بالقتل أثناء احتجازه في أوكرانيا كأسير حرب.
ومنذ انسحاب القوات الروسية الأسبوع الماضي، قال مسؤولون أوكرانيون إنه تم العثور على جثث مئات المدنيين؛ وقال رئيس بلدية بوتشا إن العشرات سقطوا ضحايا لعمليات قتل خارج نطاق القانون نفذتها القوات الروسية.
ورغم التوقعات الإيجابية في عمليات التفاوض بين الجانبين، أعلنت سلطات شرق أوكرانيا، أمس الخميس، أن الأيام المقبلة ستشكل بالنسبة إلى المدنيين "الفرصة الأخيرة" لإخلاء المنطقة على خلفية مخاوف من هجوم كبير للجيش الروسي.
وأضافت السلطات الأوكرانية أنه بعد الانسحاب من ضواحي كييف، تعيد روسيا تنظيم قواتها في محاولة للسيطرة الكاملة على المناطق الشرقية من دونيتسك ولوجانسك.
وأجبرت الحرب المستمرة منذ 6 أسابيع أكثر من أربعة ملايين أوكراني على الفرار إلى الخارج، إلى جانب مقتل وإصابة الآلاف وتشرد ربع سكان البلاد، وعلى الجانب الآخر اعترف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قائلًا: "لدينا خسائر فادحة في صفوف القوات.. إنها مأساة كبيرة لنا".