وصف المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، مقتل عدد كبير من الأشخاص في قرية بوسط مالي، بأنه "مزعج للغاية"، وسط تقارير متضاربة بشأن هوية المسؤولين عن عمليات القتل التي وقعت أواخر مارس في قرية "مورا" التي تبعد نحو 400 كيلومترا شمال شرقي العاصمة باماكو.
وقال برايس: "نشعر بالقلق إزاء تقارير تفيد بأن مرتكبي أعمال القتل من القوات غير الخاضعة للمساءلة من مجموعة (فاغنر) الروسية"، مضيفا أن هناك تقارير أخرى تشير إلى أن الجيش المالي استهدف عناصر من الجماعات المتطرفة العنيفة المعروفة.
وأعلن الجيش المالي مقتل 203 أشخاص ينتمون إلى جماعات إرهابية، خلال عملية في منطقة بوسط مالي نفذت خلال الفترة من 23 إلى 31 مارس الماضي.
وأوضح الجيش في بيان حصل موقع "سكاي نيوز عربية" على نسخة منه، أن العملية واسعة النطاق، التي جرت في منطقة "مورا"، أدت إلى مقتل أكثر من 200 ينتمون لجماعات إرهابية مسلحة، واعتقال 51 شخصا، واستعادة كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة.
وكانت حدة التوتر قد ارتفعت مع الغرب والولايات المتحدة منذ تحرك المجلس العسكري الحاكم في مالي لتأجيل الانتخابات في فبراير، ومدّ الفترة الانتقالية لنحو 5 سنوات، بالإضافة إلى الحديث عن تعاون الجيش المالي مع متعاقدين عسكريين من القطاع الخاص ينتمون إلى مجموعة "فاغنر" الروسية.
وتعليقا على التصريحات الأميركية الأخيرة، قال المحلل السياسي من مالي إبراهيم صالح، إن الأرقام التي أعلنها الجيش المالي مؤخرا مرتفعة جدا مقارنة بأوقات سابقة كانت المواجهات فيها تقع بصورة شبه يومية، فمقتل أكثر من 200 دفعة واحدة يعد رقما كبيرا جدا لعدة أسباب.
وأضاف صالح، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن من بين الأسباب هو اعتماد هذه الجماعات على أسلوب حرب العصابات ونمط الذئاب المنفردة، والعمل ضمن تكتيك الخلايا العنقودية، الأمر الذي يبعد منه وجود هذا العدد الكبير في مكان واحد، خاصة أن هذه الجماعات تعد هدفا لأكثر من جهة.
وأشار صالح إلى أن هذه الحصيلة تبقى محل تشكيك، رغم إمكانية التعويل على المشاركة الفاعلة لعناصر "فاغنر" الروسية في مساعدة الجيش المالي خلال هذه العمليات، لكن يبقى وجود هذا العدد الكبير من المسلحين في مكان واحد أمرا مستغربا.
وتشهد منطقة وسط مالي والمثلث الحدودي أعمال عنف واشتباكات بين العديد من التشكيلات المسلحة النظامية، وجماعات تابعة لتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، وسط اتهامات للعناصر الإرهابية بمهاجمة المدنيين الذين يشتبه في تعاونهم مع السلطات المالية.
وأعربت بعثة الأمم المتحدة في الساحل "مينوسما"، عن "قلقها العميق" من تدهور الوضع الأمني بشكل كبير خلال الأسابيع الأخيرة، فيما يسمى منطقة المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، لا سيما في تيسيت وتالاتاي وأنسونغو وميناكا.
ومن جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في تقرير قدم إلى مجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع، جيش مالي وشركاءه إلى احترام التزاماتهم الدولية خلال عملياتهم المتعلقة بمكافحة الإرهاب، مطالبا السلطات في مالي ببذل كل ما في وسعها لتعزيز المساءلة، وضمان أن تنفذ عملياتها العسكرية، بما في ذلك العمليات التي تجريها مع شركائها الثنائيين، وفقا لالتزاماتها الدولية.
وأوضح غوتيريش أن وضع حقوق الإنسان في مالي محفوف بالمخاطر، ويرجع ذلك أساسا إلى هجمات متعمدة وواسعة النطاق ضد مدنيين، من جانب جماعات مسلحة يشتبه في كونها متطرفة، وفي بعض الحالات كانت لعمليات مكافحة الإرهاب أيضا عواقب وخيمة على السكان المدنيين، لا سيما في وسط مالي.
وعلّق الجيش المالي على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، حيث أكد أن احترام حقوق الإنسان وكذلك القانون الإنساني الدولي يظلان من الأولويات في إدارة العمليات ضد الجماعات الإرهابية.