أدت الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، إلى زيادة التجنيد الإجباري في البلدين، سواء تعلق الأمر بالشباب أو بقدامى المحاربين الذين تصل أعمارهم إلى 60 عامًا.
وأعلنت روسيا تعبئة شبان ومدنيين من المتقاعدين للخدمة العسكرية، وسبقتها أوكرانيا في ذلك وجندت هذه الفئة بشكل إلزامي بعد فرض الأحكام العرفية، حسب تقارير غربية.
وتقول موسكو إن المجندين الجدد لن يجري إرسالهم للجبهة، فيما يقول محللون عسكريون لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن بعضهم شارك بالفعل في الحرب.
القرار الروسي
حسب مرسوم للرئيس فلاديمير بوتن، سيتم إرسال 134 ألفًا و500 شاب روسي إلى الخدمة العسكرية، وسيجري توزيعهم على الوحدات نهاية مايو المقبل.
والجيش الروسي يتم تشكيله على أساس مزدوج من مجندين إلزاميًّا وعسكريين متطوعين يخدمون بموجب عقد مع الجيش، كما يخضع للتجنيد الإلزامي الذكور ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و28 سنة، لمدة خدمة 12 شهرًا.
أما تجنيد المتقاعدين، فقالت عنه صحيفة "التايمز" البريطانية، إن الجيش الروسي يريد المتقاعدين، وأولئك الذين قادوا الدبابات في الماضي أو مارسوا أعمال القنص أو عملوا في وحدات الهندسة.
وقالت تقارير روسية إن الكرملين دعا قدامى المحاربين إلى الالتحاق بالجيش مجددًا في مدينتي تيومين وتشيليابنسك، بمنطقة سيبيريا.
وسينضم هؤلاء إلى نحو 60 ألفًا من قوات الاحتياط، جرى استدعاؤهم مؤخرا، ومعظمهم من المناطق البعيدة عن موسكو، من أجل القتال في أوكرانيا.
ومع ذلك، يتهرب بعض الشباب من الخدمة العسكرية الروسية من خلال دفع الرشاوى أو الحصول على إعفاءات طبية أو من خلال دراستهم، حسب تقارير صحفية.
واعترفت الدفاع الروسية في 9 مارس الماضي، بأن المجندين يقاتلون في أوكرانيا، وأن بعضهم أُسروا، لكنها أكدت أن إرسالهم كان بالخطأ وأعيدوا إلى موسكو منذ ذلك الحين.
الكرملين يقول إنه "طبقًا لتعليمات بوتن، وحدهم الجنود والضباط المحترفون والذين وقّعوا عقدًا يقاتلون حاليًّا في أوكرانيا".
يقول الخبير العسكري الروسي فيكتور ليتوفكين، إن "عناصر الجيش الروسي يتلقون التدريبات في ميدان القتال الحقيقي ما يجعلهم قادرين على التغلب على أي عدو".
ويضيف أن "روسيا تعطي تزويد جيشها بالأسلحة الحديثة أولوية قصوى، ورغم ذلك تحرص على تجنب الدخول في سباق تسلح ينهك خزينتها".
دوافع قرار التجنيد
يقول محمد منصور، الباحث في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن التجنيد الإلزامي في روسيا استمر بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث كانت مدة خدمة المجندين في الجيش عامين وفي البحرية 3 أعوام.
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن التجنيد الإلزامي هو للذكور بأعمار ما بين 18 و28 سنة، وهم يُسجّلون أسماءهم في سن الـ17 ويتم استدعاؤهم بعدها بعام واحد، في فترتين: الربيع والثانية في الخريف.
ويُفسر أن هذه المنظومة خضعت لعدة تعديلات إصلاحية، أسفرت عن تخفيض مدة التجنيد من عامين إلى عام ونصف العام، ثم عام واحد، وذلك منذ عام 2008، وبات الجيش الروسي يتكون حاليًّا من نحو 1.1 مليون عنصر، منهم مجند إلزاميًّا وآخرون يخدمون بعقود، كما زادت نسبة حصة الجنود المتعاقدين خلال السنوات الأخيرة.
وعن قرار بوتن وعلاقته بالحرب الأوكرانية، يردف منصور أن "دعوة بوتن إلى التجنيد الإلزامي الربيعي، تأتي ضمن عمليات التجنيد الدورية".
ويضيف: "رغم نفي موسكو إرسال المجندين الجدد إلى المعركة، هناك تقارير أكدت مشاركة بعضهم، رغم أن الثقل الأساسي للجيش الروسي بتلك الحرب هو للمتعاقدين".
وعن علاقة ذلك بالحرب في أوكرانيا، يقول الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية: "لا يمكن الربط بشكل مباشر بين هذه الدعوة والقتال في أوكرانيا، لكن تعبئة هذا العدد الكبير سيسد الفجوات التي طرأت على الوحدات العسكرية الروسية التي تم الدفع بها للحرب".
التجنيد بأوكرانيا
أمّا كييف، فقد سبقت موسكو في هذا المسار حيث جندت بموجب الأحكام العرفية، الرجال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و60 عامًا ومنعتهم من مغادرة البلاد.
وتقول مجلة "إيكونومست" البريطانية إن "الجيش الأوكراني مبني على التجنيد الإجباري لمن تتراوح أعمارهم بين 12 و18 شهرًا".
وتوضِّح: "حتى لو نجح البعض في تأجيل التجنيد بسبب الدراسة أو الأبوة، أو التسجيل باستخدام عنوان مزيف كخدعة شائعة، فإنه إلزامي بأوكرانيا".
وتُضيف: "عندما كانت أوكرانيا جزءًا من الاتحاد السوفيتي كان على جميع رجالها إكمال 3 سنوات على الأقل بالخدمة العسكرية، رغم أن 4 رؤساء منتخبين وعدوا بإلغائها".
وتردف: "أحد الرؤساء نحج في إلغاء التجنيد الإجباري عام 2013، لكنه أعيد في 2014 بعد ضم روسيا للقرم".
ويعتقد حلف "الناتو" بأن الجيش الروسي خسر 15 ألف جندي في حرب أوكرانيا، بينما تقول كييف إن العدد يصل إلى 18 ألفًا.
في المقابل، تؤكد موسكو أن عدد قتلاها في الحرب يبلغ 1351 جنديًّا فقط، وفق أحدث أرقامها.