ليليانا غافريش سيدة أوكرانية، تعيش في تونس منذ 17 عاما، مع زوجها التونسي وبناتها الثلاث، بينما اختار ابنها كريم استكمال دراسته في أوكرانيا، التي يعتبرها وطنه الثاني.
وتعيش شقيقة ليليانا الأولى في روسيا والثانية في بولندا، وكن يجتمعن معا في أوكرانيا سنويا في منزل الوالدة، في عادة حافظت عليها الأخوات، لكن يبدو أن الأمر متعذر حاليا في ظل الحرب.
لكن هذا ليس كل شيء، فتروي ليليانا جانبا من تداعيات الحرب يتصل بالشرخ الذي أحدثته في آلاف العائلات على جانبي الحدود الأوكرانية الروسية، فهي "حرب الأخوة"، كما تصفها السيدة الأوكرانية.
وتقول ليليانا لموقع "سكاي نيوز عربية": "منذ أن بدأت الحرب لا أنام إلا في حدود الساعة الرابعة فجرا حتى أنني أبقى مستمرة لساعات طويلة أمام شاشتي التلفزيون والهاتف، لمعرفة آخر الأخبار عن الحرب الدائرة في بلدي".
وتضيف: "الناس كانت تفر هربا من أوكرانيا، ولكني تمنيت السفر إلى هناك لأكون مع أهلي وأصدقائي. قلبي هناك حيث والدتي وعائلتي وبيتنا الصغير، الذي كان يمثل الأمان بالنسبة لي ولإخوتي".
شرخ في العائلات
وذكرت أن الأخوات الثلاث يحرصن على اللقاء مرة واحدة سنويا في منزل العائلة مع أطفالهن، لكن هذه الحرب الدائرة "قسمتنا وفرّقت حتى بين الأم في أوكرانيا وابنتها في روسيا، وهو واقع الحال لآلاف العائلات، فهذه الحرب خلقت شروخا في العلاقات الأسرية وخلافات بين العائلات حتى أن عمتي في أوكرانيا تحت وقع القصف تعجز عن إقناع ابنتها المتزوجة في روسيا ببشاعة الحرب، لأنها تقول لها: غير صحيح. هذه الأخبار زائفة ولا وجود لقصف".
وتتساءل ليليانا: "كيف يمكن ترميم ما خلفته هذه الحرب نفسيا واجتماعيا؟ لا أدري".
وقالت: "أتابع عن طريق الأصدقاء عشرات القصص الإنسانية الأليمة عن معاناة زوج في روسيا وعائلته في أوكرانيا، وعن حرج جندي روسي يقصف مدينة أوكرانية تعيش فيها والدته، هذه الحرب تدور بين الإخوة، وهو أشد ما يؤلمني".
كريم التونسي الأوكراني
وفي صالون التجميل، الذي تديره السيدة الأوكرانية في العاصمة التونسية، التقينا أيضا ابنها كريم، البالغ من العمر (17 عاما)، والعائد من أوكرانيا منذ يومين، حيث كان يدرس هناك.
ويروي لنا تفاصيل رحلته الخطرة من أوكرانيا إلى تونس عبر رحلة برية شاقة إلى الحدود الرومانية ثم إلى ألمانيا فتونس.
ويقول: "قضيت ثلاثة أيام في محطة الحافلات أحاول الخروج، ثم اضطررت بعدها للمشي 40 ساعة حتى وصلت الحدود الرومانية، وفي هذه الرحلة حملت فقط بعض أغراضي وما أحتاجه من أكل، وكنا داخل المحطة نتقاسم المؤونة والغطاء ونمنح الأولوية في الحصول عليها للأطفال والمسنين".
ويؤكد محدثنا أن أوكرانيا بلده الثاني فهو مزدوج الجنسية، وحرص على التبرع بملابسه قبل السفر للجيش كما يفعل الأهالي هناك.
وأضاف: "لقد رأيت الرجال والنساء يتطوعون بكل شجاعة للمساعدة ويتقاسمون الغطاء ويساعدون بعضهم البعض حتى أنني شعرت بالخجل من شجاعة النساء وحتى العجائز في مواجهة الحرب الدائرة".