فيما أصبحت على عتبة إتمام شهر كامل، تتواصل الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة منذ يوم 24 فبراير المنصرم، بضراوة ودون بوادر وقف قريب لها، رغم استمرار الجولات التفاوضية بين موسكو وكييف.
وفي أحدث تصريحاته، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد، في حديث لشبكة CNN الأميركية، استعداده للتفاوض مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتن، محذرا من أنه إذا فشلت محاولات التفاوض، فقد يعني ذلك أن القتال بين البلدين "سيؤدي لنشوب حرب عالمية ثالثة".
وأضاف: "لذا أعتقد أنه يتعين علينا استخدام أي صيغة، أي فرصة من أجل الحصول على إمكانية التفاوض، وإمكانية التحدث مع بوتن، ولكن إذا فشلت هذه المحاولات، فهذا يعني أن هذه حرب عالمية ثالثة".
ورغم أن مراقبين يعتبرون هذه التصريحات من الرئيس الأوكراني تندرج في سياق التهويل ومحاولة تضخيم المخاطر المترتبة على هذه الحرب، وإعطاء حجم أكبر لنظامه وبلاده في المعادلات والتوازنات الدولية، يرى آخرون أنها بالعكس تماما، واقعية ومعبرة عن مدى خطورة الأزمة الأوكرانية، التي هي حسبهم "أصبحت حربا روسية أطلسية غير مباشرة، قد تتحول لمواجهة مباشرة في أي لحظة".
وتعليقا على مدى واقعية تحذير زيلينسكي من وقوع حرب عالمية ثالثة في حال فشل مفاوضات بلاده مع روسيا، يقول مدير مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، لموقع "سكاي نيوز عربية": "تصريح زيلينسكي لا ريب في أن به جانب من الدقة والصواب، باعتبار أنه بالفعل في حال عدم قبول موسكو لحلول وسط لوقف الحرب الحالية، فإن الغرب بما لا يقبل الشك لن يسمح لبوتن أن يصل لمشارف الاتحاد الأوروبي".
ويتابع: "في حال نجاح روسيا في قضم أوكرانيا، فإن الدب الروسي سيتحرك أبعد منها، وهذا يشكل تهديدا مباشر لأمن الاتحاد الأوروبي والناتو".
ويضيف: "استمرار الحرب بهذا الشكل ودون بوادر حلول دبلوماسية، سيقود لتدفق المزيد من الأسلحة والمساعدات العسكرية الغربية لأوكرانيا، وهذا ما تعتبره موسكو إعاقة لتقدمها وإنجازها لمهمتها الأوكرانية، ورفعا لإمكانيات كييف العسكرية لمواجهتها، مما قد يدفع روسيا في المقابل نحو ردود فعل غير محسوبة، قد تقود لاندلاع حرب عالمية ثالثة".
ويضيف الشمري، وهو أيضا أستاذ بالعلوم السياسية: "رغم أن هذا الخيار الكارثي غير مطروح من قبل كافة الأطراف المتنازعة الآن، فإنه في النهاية إذا طالت هذه الحرب، فإن الجهد الأطلسي الغربي، أميركيا وأوروبيا، سينصب على حماية ومساعدة أوكرانيا ودعمها في وجه الهجوم الروسي عليها، منعا لسقوطها بيد موسكو، ولهذه الأسباب مجتمعة، فإن تحذيرات الرئيس الأوكراني من وقوع حرب عالمية ثالثة، تمثل قراءة واقعية لحد بعيد".
ويعتبر أنه "في المحصلة وفي ظل استمرار الحرب، فسيحصل لا محالة صدام عسكري روسي غربي، قد يشكل شرارة الحرب العالمية الثالثة مع الأسف".
أما الباحث والخبير في الشؤون الأوروبية، ماهر الحمداني، فيقول في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "أي طرفان متنازعان من البديهي أنه بعد دخولهما غمار المفاوضات فيما بينهما وقبيل جولاتها المتعددة، يعمدان لرفع سقف مطالبهما وتصعيد المواقف والضغوط والتصريحات حيال الطرف المقابل".
ويستطرد: "فعلى أرض الواقع وعلى عكس ما يقوله زيلينسكي عن قرب انضمام بلاده للاتحاد الأوروبي وتحذيراته من نشوب حرب عالمية ثالثة، تبدو تصريحاته هذه أكبر من كييف وهي تهويلية غير منطقية وليست واقعية تماما".
ويشرح الحمداني: "الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والولايات المتحدة والكتلة الغربية ككل، أعلنت مرارا أنها لن تنجر لحرب عالمية ثالثة ومواجهة عسكرية مع روسيا، ورغم هذه التهويلات في تصريحاته، فإن زيلينسكي يبدو حسب المعطيات أنه بات على وشك إبرام اتفاق مع موسكو لوقف الحرب، وهذه علامة على أن ما يدور في غرف التفاوض المغلقة، مختلف تماما عما يتم إعلانه من مواقف وتصريحات علنية للاستهلاك المحلي عادة".