شارفت العملية الروسية في أوكرانيا على دخول يومها الـ23، وسط رسائل وتحرّكات دولية في محاولة لوقف العملية العسكرية، حيث قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إن بلاده ملتزمة كعضو في "الناتو" بدعم كييف، مضيفا "سنفي بالتزاماتنا بشكل كامل تجاه الحلف".
وأكد أوستن أن الرئيس الأميركي جو بايدن يشدد على أن واشنطن لن تقاتل على الأراضي الأوكرانية وستتجنّب فرض منطقة حظر طيران، مشيرا إلى أن القوات الأوكرانية نجحت في الحيلولة دون تفوق الجانب الروسي جويا.
وطالب الوزير الأميركي، بوتن بوقف أفعاله التي وصفها بـ"المروعة"، والتوقّف عن استهداف المدنيين.
تصريحات وزير الدفاع سبقها تحذير ووعيد من جانب مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، مطلع الأسبوع، الذي أكد على تفعيل المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي، في حال أطلقت موسكو "رصاصة واحدة" على أرض "الناتو"، وهي تصريحات حسب الخبراء والمحللين تطرح سؤالًا مهمًّا: هل تستطيع واشنطن وأوروبا إطلاق تلك الرصاصة في وجه الدب الروسي؟
سولونوف بلافريف، الباحث الروسي في تاريخ العلاقات الدولية، قال إن قرار موسكو واضح وهو عدم السّماح بدخول الدول التي تقع على حدود روسيا للاتحاد الأوروبي واستغلال هذا لضعف وضرب الدولة الروسية، وهذا لن ولم يحدث.
وأوضح بلافريف، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن خطاب وتصريحات الرئيس فلاديمير بوتن تؤكد أنه لا سبيل عن حيادية أوكرانيا ونزع سلاحها ومنع الدول الغربية من زعزعة أسس النظام العالمي.
هل تفعلها أوروبا وواشنطن؟
ويرى الباحث الروسي بلافريف، أنّ واشنطن وأوروبا لن تُقدِما على تلك الخطوة أو التصعيد في وجه موسكو، وما سيحدث لن يتجاوز فرض مزيد من العقوبات، وهذا اتضح أيضًا في خطاب الرئيس الأوكراني الأخير عندما قال "لا نريد عضوية الناتو"، فهو بذلك أدرك أن "الناتو" لن يستطيع تقديم له مساعدة أكبر أو تفعيل ما ألمحت له واشنطن بالمادة الخامسة.
وتنص المادة الخامسة من ميثاق حلف "الناتو"، على أن "أي هجوم أو عدوان مُسلّح ضد طرفٍ منهم (الناتو)، يعتبر عدوانًا عليهم جميعًا، ومِن حقّهم الردّ باتخاذ الإجراءات التي يراها الحلف بقيادة واشنطن ضرورية على الفور، بشكل فردي وبالتوافُق مع الأطراف الأخرى، بما في ذلك استخدام قوة السلاح، لاستعادة والحفاظ على أمن منطقة شمال الأطلسي".
في السياق ذاته، استبعد الباحث السياسي سعد البحيري، أن يجري تفعيل تلك المادة في وجه روسيا لعدة عوامل، أولها: هو الوضع الاقتصادي العالمي الهش الذي كشفته ارتفاع أسعار النفط، فواشنطن تعاني من ارتفاع الأسعار وتحاول السيطرة على الوضع الاقتصادي، ثانيها: أوروبا في حالة تشرذم بعد خروج بريطانيا والوضع الحالي عقب جائحة "كورونا" أنهك القارة العجوز.
وأضاف البحيري، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن العامل الثالث الذي يحول دون تفعيل تلك المادة هو عدم عضوية أوكرانيا بخلاف دراسة طلب عضوية السويد وفنلندا، وفي التوقيت الحالي ستخشى أوروبا من قبول عضويتهم خشية استفزاز روسيا وتفاقم الوضع أكثر.
وتحدثت الولايات المتحدة مرارا عن تفعيل تلك المادة، التي تؤكد مبدأ الدفاع المشترك، وهنا يقول البحيري إن لتلك المادة تاريخا لا يجب أن نتغافله، حيث تم تفعيلها مرة واحدة في تاريخ الحلف، عقب هجمات 11 سبتمبر 2011 على الولايات المتحدة، إذ نشرت قوات تابعة للحلف في أفغانستان، لتكون أول مرة تنتشر فيها قوات الناتو خارج أراضي دول الحلف.
ويُضيف الباحث السياسي سعد البحيري، أن تلك المادة كانت هدفا أساسيا من تأسيس "الناتو" عام 1949، للتصدي للاتحاد السوفيتي آنذاك.