في أول عملية كبيرة بعد إعلان القوات الفرنسية انسحابها، أعلن الجيش المالي مقتل 8 من جنوده والقضاء على 57 إرهابيا في شمال البلاد، إثر عملية لسلاح الجو استهدفت قاعدة للإرهابيين قرب حدود بوركينا فاسو والنيجر، في المنطقة المعروفة بالمثلث الحدودي.
وذكر بيان للجيش أن سلاح الجو المالي تدخل لتدمير "قاعدة إرهابية" قرب بوركينا فاسو والنيجر، وأسفرت معارك عنيفة بعد ذلك عن ثمانية قتلى في صفوف الجنود وإصابة 14 فضلا عن 5 مفقودين، كما أدت إلى "تحييد 57 إرهابيا"، موضحا أن هذا التدخل جاء لصالح دورية اشتبكت مع مسلحين مجهولين في قطاع "أرشام" غرب تيسيت على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود مع بوركينا فاسو والنيجر.
وكشفت مصادر، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن نحو 40 مدنيا في مالي قتلوا هذا الأسبوع في هذه المنطقة التي شهدت اشتباكات بين مسلحين وجماعة موالية لتنظيم "داعش"، موضحة أن بلدة "تيسيت" قرب منطقة "غاو" كانت مسرحا للقتال بين الإرهابيين في الأسابيع الأخيرة.
وقال الجيش المالي إن قرار مهاجمة الجماعات الإرهابية، جاء بهدف حماية السكان المدنيين ضحايا التجاوزات التي ارتكبتها هذه الجماعات وتسببت في تهجير المدنيين قسرا من مالي إلى مناطق قريبة من بوركينا فاسو والنيجر.
وفي هذه المنطقة المعروفة بالمثلث الحدودي، ينشط أيضا في الجانب المالي الجيش الوطني والجنود الفرنسيون من قوة برخان وكذلك القوات الأوروبية الخاصة من تاكوبا وقوة الأمم المتحدة في مالي. وأعلنت فرنسا وشركاؤها الأوروبيون الخميس، سحب قواتهم من مالي.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي المالي عبد الله ميغا، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن حكومة باماكو أصبحت بحاجة ملحة إلى دعم دولي لمواجهة الكيانات الإرهابية، لا سيما بعد إعلان فرنسا نهاية عملية "برخان" والانسحاب العسكري من مالي.
وأوضح ميغا أن إخلاء القوات الفرنسية القواعد العسكرية شمال شرقي البلاد لا يعد انسحابا، لكنه إعادة تمركز قرب منطقة المثلث الحدودي الواقع بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، لا سيما بعد أن نقلت الجماعات الإرهابية مسرح عملياتها إلى هذه المنطقة.
كانت فرنسا وشركاؤها الأوروبيون أعلنوا، في بيان الخميس، أنهم قرروا البدء في الانسحاب العسكري المنسق من مالي، واتفقوا على وضع خطط بشأن كيفية البقاء في المنطقة، خاصة النيجر ودول خليج غينيا بحلول يونيو 2022.
وأضاف البيان أنه بسبب مواجهة العديد من العقبات من قبل السلطات الانتقالية في مالي فإن كندا والدول الأوروبية التي تعمل جنبا إلى جنبٍ مع عملية "برخان" ومع مهمة "تاكوبا"، ترى أن الظروف السياسية والتشغيلية والقانونية لم تعد مواتية لمواصلة مشاركتها العسكرية بشكلٍ فعالٍ لمحاربة الإرهاب في مالي.
في الوقت نفسه، لم تثن دعوة المجلس العسكري الحاكم في مالي إلى الانسحاب العسكري الفرنسي من أراضي البلاد، باريس عن سعيها لاستكمال عملياتها بدعم من حلفائها الآخرين في منطقة الساحل (النيجر وبوركينا فاسو وتشاد) ضمن عمليات "برخان" و"تاكوبا" و"سابر" العسكرية.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي من مالي، إبراهيم صالح، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الانسحاب الفرنسي على الجانب العسكري هو انسحاب حقيقي؛ إلى حين حصول فرنسا على مقاربة جديدة للتعامل مع الوضع في الساحل الغربي لإفريقيا، حيث فشلت فرنسا في إيجاد حلولٍ لدول تعتبر باريس حتى وقت قريب حليفها الموثوق، والأمر الذي لم يعد قائما خاصة في دولة مثل مالي.
وأضاف رئيس تحرير موقع "أخبار الساحل" أن فرنسا تنسحب عسكريا من مالي لتعود إليها دبلوماسيا وسياسيا لإظهار المساندة، في ظل تنامي الوجود الروسي، كما تتزايد مظاهر النقمة على باريس في أوساط الشعب المالي.
كانت العلاقات قد تدهورت بين باريس وباماكو منذ تراجع المجلس العسكري الحاكم في مالي عن اتفاقٍ لتنظيم الانتخابات في فبراير الجاري، واقتراحه الاحتفاظ بالسلطة حتى عام 2025، كما نشر المجلس العسكري أيضا متعاقدين خاصين من روسيا، الأمر الذي قالت عنه بعض الدول الأوروبية إنه يتعارض مع مهمتها.