تتبادل روسيا وأوكرانيا الاتهامات بشكل مستمر حول عدم الالتزام باتفاقية "مينسك" فيما زادت في الآونة الأخيرة مطالبات دولية للجانبين بالتمسك بالاتفاق كمخرج للأزمة الحالية وتجنب شرارة الحرب.

وشهدت جلسة مجلس الأمن، الخميس، اتهامات من قبل كييف إلى موسكو بخرق اتفاقية "مينسك"، فيما أكدت غالبية كلمات المتحدثين على أن اتفاقات مينسك توفر المساحة اللازمة للتوصل إلى حلول ملموسة لأزمة أوكرانيا.

وطالبت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزمارى ديكارلو، جميع الأطراف المعنية بأزمة أوكرانيا إلى الامتناع عن الإجراءات الأحادية المخالفة لروح اتفاقيات مينسك، مؤكدة أنها "تظل هي الإطار الوحيد الذى أقره مجلس الأمن من خلال القرار 2202 للتوصل إلى تسوية تفاوضية للنزاع في شرق أوكرانيا".

ومنذ 2014 تشهد دونباس، المنطقة الواقعة شرقي أوكرانيا، حربا بين القوات الحكومية والانفصاليين الموالين لروسيا أودت بحياة أكثر من 13 ألف شخص.

وللتهدئة، وقعت روسيا وأوكرانيا في العاصمة البيلاروسية مينسك الاتفاق الأول في 5 سبتمبر 2014، إلا أنه لم يتم الالتزام به، بل خرق بعد ساعات فقط على توقيعه بسبب المعارك التي دارت في إقليمي لوغانسك ودونيتسك في منطقة دونباس، وتم التوصل إلى اتفاق "مينسك 2" في 12 فبراير 2015، وكان من المفترض أن تنهي اتفاقات مينسك للسلام الصراع في شرق أوكرانيا لكنها لم توقف القتال ولم تحل الأزمة.

مكروهة لدى الأوكرانيين

ووفق صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية فإن الأوكرانيين يكرهون اتفاقات مينسك "لدرجة أن مسؤولي كييف حذروا مؤخرا من أن تنفيذها وفقا للشروط الروسية قد يؤدي إلى أعمال شغب وفوضى".

وأشارت إلى أن العديد من الأوكرانيين يخشون من أن اتفاقية مينسك ستمكن موسكو من إعادة تأكيد هيمنتها على أوكرانيا، بإجبار كييف على منح المنطقتين الانفصاليتين وضعا خاصا، بما في ذلك الميليشيات الانفصالية الخاصة بهما، وفي المقابل تصر روسيا على منح المناطق الانفصالية الحكم الذاتي، ومن ثم يمكن إجراء الانتخابات، وعندها فقط ستستعيد أوكرانيا سيطرتها على حدودها مع روسيا.

ويتهم المسؤولون الروس أوكرانيا برفض الوفاء بالتزاماتها، ويطالبون كييف بالتفاوض مباشرة مع الانفصاليين، وفي غضون ذلك، أصدرت موسكو أكثر من 600 ألف جواز سفر روسي في المنطقتين الانفصاليتين، وحولت الأوكرانيين إلى مواطنين روس.

والأسبوع الماضي، حذر رئيس مجلس الأمن القومي والدفاع في أوكرانيا أليكسي دانيلوف من أن اتفاقية مينسك قد تؤدي إلى انهيار البلاد إذا تم تنفيذها، لافتا إلى أن التوقيع على الاتفاقية تم "تحت فوهة البندقية الروسية"، تحت أنظار الألمان والفرنسيين، مناشدا الدول الغربية "ألا تدفع أوكرانيا إلى تنفيذ الشروط الحالية المنصوص عليها في الاتفاقات".

وقالت الصحيفة إن مثل "هذا النوع من عدم الاستقرار قد يمنح روسيا لحظة مثالية إما لإسقاط الحكومة ذات الميول الغربية أو للغزو"، لافتة إلى أن الوضع في دونباس يشكل توترا مستمرا يمكن أن يسفر عن إثارة أزمات مثل الأزمة الحالية التي تشمل روسيا وأوكرانيا وحلف شمال الأطلسي.

أخبار ذات صلة

أوكرانيا تتهم روسيا بانتهاك اتفاقات الهدنة.. خطر الحرب يقترب
دونباس.. إقليم الفحم المشتعل الذي قد "يحرق العالم"
قصف قرية أوكرانية بالأسلحة الثقيلة.. ونداء عاجل لروسيا
بعد المناورات.. بيلاروسيا تكشف حقيقة بقاء القوات الروسية

حافة الهاوية

وقال الأكاديمي بالجامعة الأميركية في القاهرة سعيد صادق إن ما يحدث حاليا هو صراع أميركي روسي بدأ منذ سقوط الاتحاد السوفيتي حيث عملت واشنطن على التوسع في الدول التي كانت تشكل الاتحاد عبر محاولات الانضمام للناتو، وهو ما يرفضه بوتن خشية حصاره من قبل أميركا ومن ثم زاد الضغوط على أوكرانيا في محاولة لإسقاط الحكومة الحالية الموالية للغرب.

وأضاف صادق، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هدف روسيا يتمثل في الحفاظ على سيطرتها على أوكرانيا، وتعتبر اتفاق مينسك مجرد أداة لتنفيذ ذلك، لافتا إلى أن ما يحدث هو لعبة "حافة الهاوية" من قبل روسيا بغية الحصول على أكبر قدر من المكاسب وإبعاد الناتو وواشنطن عن مناطق نفوذها.

وأشار إلى أن هناك رفضا أوكرانيا كبيرا لاتفاقية مينسك لأنها تعزز انفصال إقليم دونباس وهيمنة روسيا، لافتا إلى أن الضغط الدولي على كييف لتمرير اتفاق السلام يستهدف عدم المخاطرة بفقدان المزيد من الأراضي والأرواح.

ما هي اتفاقية مينسك؟

بعد فشل اتفاق "مينسك 1"، تم التوقيع على اتفاقات مينسك 2 في فبراير 2015 في مسعى لوضع حد للنزاع الذي اندلع في منطقة دونباس جنوب شرقي أوكرانيا، وتم تنسيق الوثيقة التي تحمل اسم "مجموعة الإجراءات الخاصة بتنفيذ اتفاقات مينسك" في قمة عقدها في العاصمة البيلاروسية في 11-12 فبراير 2015 زعماء دول "رباعية النورماندي" (روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا)، ووقعت عليها أيضا مجموعة الاتصال الخاصة بتسوية النزاع في شرق أوكرانيا (وهي تضم ممثلين عن حكومة أوكرانيا وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك)، وفي 17 فبراير 2015، تبنى مجلس الأمن الدولي قرارا يدعم هذا الاتفاق.

وتضم الاتفاقية 13 بندا أبرزها "التنفيذ الصارم للوقف الفوري والشامل لإطلاق النار في مناطق معينة من منطقتي دونيتسك ولوغانسك في أوكرانيا ابتداء من الساعة 00:00 (بتوقيت كييف) في 15 من فبراير 2015 "، و"قيام كلا الجانبين بسحب جميع الأسلحة الثقيلة على مسافات متساوية من بعضهم البعض من أجل إنشاء منطقة آمنة.

كما تنص على "بدء الحوار في اليوم الأول بعد الانسحاب بشأن طرق إجراء الانتخابات المحلية وفقا للتشريعات الأوكرانية وقانون أوكرانيا بشأن النظام المؤقت للإدارة الذاتية المحلية في مناطق معينة من منطقتي دونيتسك ولوغانسك، وكذلك بشأن النظام المستقبلي لهذه المناطق على أساس هذا القانون"، و"إجراء إصلاح دستوري في أوكرانيا مع دخول الدستور الجديد حيز التنفيذ بحلول نهاية عام 2015، والذي يفترض أن اللامركزية عنصر أساسي مع مراعاة خصائص مناطق محددة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك، المتفق عليها مع ممثلي هذه المناطق، وكذلك اعتماد تشريع دائم بشأن الوضع الخاص لمناطق محددة من مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك وفقًا للتدابير المحددة في الملاحظة1، حتى نهاية عام 2015".