يزور الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، موسكو، الاثنين، تستهدف خفض التوتر على الحدود الروسية الأوكرانية، فيما اعتبر محللون أن لها مآرب أخرى كالبحث عن زعامة بأوروبا ومزيد من الثقة قبيل الانتخابات الرئاسية.
ويشعر الغربيون بقلق حيال إمكان غزو روسيا لأوكرانيا، إذ تعتقد الاستخبارات الأميركية أن موسكو تكثف استعداداتها لغزو واسع النطاق بعد أصبح لديها "بالفعل 70 بالمئة من القوة اللازمة لتنفيذ عملية كهذه".
وتنفي روسيا أي نية لها من هذا القبيل وتقول إنحلف شمال الأطلسي يهدد أمنها وتطالب بإنهاء توسّع الحلف وبانسحاب قواته من شرق أوروبا
خفض التوتر
وسعياً لخفض التوتر في الأزمة الأوكرانية، يلتقي ماكرون، نظيره الروسي، فلاديمير بوتن، الاثنين، في موسكو ثم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، في كييف، وفق ما أعلن قصر الإليزيه.
وكثّف ماكرون في الأيام الأخيرة الاتصالات الهاتفية مع بوتين وزيلينسكي، وكذلك مع الرئيس الأميركي جو بايدن، سعيا للتوسط في الأزمة.
وأجرى الرئيس الفرنسي، الخميس، محادثات عبر الهاتف مع كل من بوتن وزيلينسكي، وأعلن الكرملين أن بوتن وماكرون بحثا خصوصا "الضمانات الأمنية" التي تطالب بها موسكو خلال مكالمتهما الهاتفية الثالثة هذا الأسبوع حول هذا الموضوع، مشيرا إلى حوار "بناء".
وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، غابرييل آتال، الجمعة، إن "مهمة فرنسا أن يكون لها دور قيادي في الجهود المتعددة الطرف بهدف نزع فتيل التصعيد".
وأضاف أن "هذا النزاع مفتوح منذ أشهر عدة، وعقدت اجتماعات كثيرة بمبادرة من فرنسا. لقد حقّقنا تقدّماً صلباً في الأسابيع الأخيرة، وخصوصا عبر اجتماع بالغ الأهمية (في 26 يناير) مع المستشارين الدبلوماسيين لرؤساء الدول والحكومات في بلدان آلية النورماندي، روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا".
ولفت إلى أن هذا الاجتماع استمر "نحو تسع ساعات، توصل بعدها (المستشارون) إلى بيان مشترك هو الأول منذ ديسمبر 2019 للتذكير بالتزام نزع فتيل التصعيد".
مآرب أخرى
من جانبه، قال المدير العام لمجلس الشؤون الدولية الروسي، أندريه كورتونوف، إن زيارة ماكرون إلى موسكو تهدف لاستعادة مكانة بلاده كزعيم أوروبي، ولكسب بعض النقاط لصالحه في الانتخابات المرتقبة في أبريل.
وتعد كافة الظروف مواتية لماكرون للبروز مع تولي باريس رئاسة الاتحاد الأوروبي لستة أشهر ما يمكنه من ملء الفراغ الذي تركته المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في قيادة أوروبا.
وأشار كورتونوف، في تصريحات لوكالة أنباء "تاس" الروسية، إلى أن "هذه الزيارة سبقها ثلاث محادثات أجراها ماكرون مع بوتن خلال الأسبوع الماضي وحده.
وأظهر كل منهما تباينا في الأولويات بين روسيا وفرنسا، مع تأكيد روسيا على الضمانات الأمنية في حين أن وقف التصعيد حول أوكرانيا كان أولوية بالنسبة لماكرون".
وأوضح أنه عشية زيارة الرئيس الفرنسي لموسكو، تم تفعيل جدول أعمال التسوية الأوكرانية إلى حد ما في صيغة نورماندي (روسيا ، ألمانيا ، أوكرانيا ، فرنسا)، معربا عن ثقته في أن الزعيمين سيتطرقان إلى مجموعة واسعة من القضايا الأمنية في الاجتماع المقبل.
ولفت إلى أن ماكرون "لا يزال لا يستطيع التحدث نيابة عن حلف شمال الأطلسي ولا نيابة عن الاتحاد الأوروبي، لأن هناك أعضاء آخرين ولديهم مواقفهم الخاصة ومع ذلك، لطالما كانت الآراء الفرنسية مؤثرة في أوروبا، لذا أعتقد أنه ينبغي على موسكو أن تأخذها بمنتهى الجدية".
وأضاف: "هذا الاجتماع علامة جيدة. فكلما زادت لقاءات واتصالات كهذه زادت فرص الخروج من الوضع الراهن".
كافة السيناريوهات مفتوحة
الأكاديمي المختص بالشأن الدولي طارق فهمي، قال إن فرنسا تسعى إلى المحافظة على مسار دبلوماسي من شأنه خفض التصعيد، مع تأكيد تمسكها بوحدة الموقف الأوروبي في التعامل مع روسيا من دون التقيد بالموقف الأميركي في مجمله.
وأضاف فهمي، لموقع "سكاي نيوز عربية": "برز هذا التوجه من خلال إرسال ممثل خاص للرئيس ماكرون إلى موسكو والاجتماع الذي عقده الأخير في برلين مع المستشار الألماني أولاف شولتز لتنسيق السياسات، والاجتماع الرباعي الروسي الأوكراني الفرنسي الألماني في إطار ما يسمى صيغة نورماندي التي أطلقت في عام 2015 لإيجاد حلول للأزمة في أوكرانيا".
قبل أن يستدرك: "لكن هناك تطورات خطيرة جزء منها مرتبطة بالمناورات العسكرية التي تجريها روسيا في بيلاروسيا وهناك حشود عسكرية وكلها تمثل رسائل مباشرة للولايات المتحدة".
وأوضح أن هذا الأمر معناه أننا أمام سيناريو مفتوح وأن الخيارات العسكرية تستبق الخيارات السياسية في هذا التوقيت، إذ إن الإدارة الأميركية تصعد مع روسيا وهناك تحسبات لمواقف ربما تبدو جديدة كفرنسا وألمانيا والأخيرة لا ترغب في مواجهة عسكرية وهناك تحفظات داخل بعض دول حلف الناتو خصوصا الدول الجديدة لجنوب غرب وشرق أوروبا في هذا الإطار.
وأشار إلى أن الاستعدادات العسكرية والمناورات الروسية التي تجريها في هذا التوقيت ستكون خطيرة وستدفع نحو عسكرة الأزمة "أعتقد أن روسيا تستقوى بالصين، ومن ثم فكل السيناريوهات مفتوحة وكل المشاهد أيضا واردة في إطار الأزمة الأوكرانية".