يعيش العالم على وقع التأهب، إزاء التوتر بين موسكو والغرب، فيما تواصل واشنطن تحذير موسكو من الإقدام على غزو أوكرانيا، قائلة إن الخطوة ستكون لها عواقب وخيمة.
يعتقد السياسي الأميركي ديفيد بولوك، وهو زميل أقدم في معهد واشنطن، بأن سياسة الولايات المتحدة "ستنجح في ردع روسيا عن غزو أوكرانيا دون تقديم أي تنازلات".
وفي تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، يتحدث بولوك، الذي عمل كمستشار رفيع المستوى في مشروع "الشرق الأوسط الكبير" بوزارة الخارجية الأميركية في العام 2002، عن المفاتيح الرئيسية لتلك السياسة، مبرزاً أربعة عوامل.
وبحسب بولوك، فإن العامل الأول مرتبط بأن الولايات المتحدة ومعظم حلفائها يرسلون بحزم الأسلحة إلى أوكرانيا لدعمها عسكرياً في مواجهة التهديدات.
وتسلمت أوكرانيا في الفترة الأخيرة أسلحة "فتاكة" وآلاف الصواريخ الخفيفة المضادة للدبابات من الولايات المتحدة وبريطانيا. فيما تقدم مجموعة دول البلطيق صواريخ مضادة للدبابات وأخرى للطائرات؛ من بينها صواريخ غافلن وستينغر أميركية الصنع.
وكانت السفارة الأميركية في كييف قد أعلنت في 22 يناير الماضي عن تلقي أوكرانيا دفعة أولى من مساعدات أميركية دفاعية (عسكرية) بقيمة 200 مليون دولار، وذلك ضمن الدعم العسكري المقدم إلى أوكرانيا.
أما العامل الثاني الذي ذكره بولوك، فيتعلق بمسألة "تحريك القوات" من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.
تحرك أميركي
وقبيل أيام، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، عن إرسال قوات أميركية إلى أوروبا الشرقية "قريباً"، في خطٍ متوازٍ مع التوترات الراهنة بخصوص مؤشرات الغزو الروسي إلى أوكرانيا.
كما يعمل حلف الناتو في الوقت نفسه على تعزيز وجوده العسكري في أورويا الشرقية، بينما ينفي الحلف في الوقت نفسه وجود خطط لإرسال قوات إلى أوكرانيا حال تعرضت للغزو؛ باعتبارها ليست عضواً بالناتو.
ثالث العوامل ضمن محاور السياسة الأميركية التي من شأنها ردع روسيا عن غزو أوكرانيا كما يحددها السياسي الأميركي، هو ما يتعلق بالاستعدادات الخاصة لدى الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا لفرض عقوبات على موسكو.
وتهدد واشنطن والغرب بفرض عقوبات على روسيا إذا ما اجتاحت أوكرانيا. وقال الرئيس بايدن إنه مستعد لفرض عقوبات على نظيره الروسي فلاديمير بوتن شخصياً. كما ألمحت واشنطن وبرلين إلى تعطيل خط أنابيب بحر البلطيق "نورد ستريم 2".
فيما لا يُخفي الجانب الأوروبي مخاوفه من تداعيات أي عقوبات محتملة على إمدادات الغاز من روسيا، باعتبار أن موسكو تؤمن ما يصل إلى 40 بالمئة من الغاز إلى القارة العجوز.
بينما العامل الرابع فيتعلق بـ "رفض المطالب الدبلوماسية لروسيا". وذلك في إشارة إلى موقف الولايات المتحدة وحلف الناتو من المخاوف التي عبرت عنها موسكو بشأن توسع الحلف على حدودها، وتأكيد الجانبين (واشنطن والناتو) على أحقية كييف في اختيار حلفائها. فيما قدّما عرضاً لإجراء محادثات بشأن بعض المطالب التي عبرت عنها روسيا، من بينها مسألة نشر التحالف صواريخ قريبة من موسكو.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان بمقدور موسكو تحقيق أهدافها عبر سياسة الضغط التي تمارسها على أوروبا -لا سيما فيما يتعلق بملف الغاز- يقول ديفيد بولوك، في معرض حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن موسكو على الأرجح لن تحقق أهدافها المتمثلة في تقسم حلف الناتو أو إضعافه، ناهيك عن استعادة نفوذ السوفييت القديم.
ويعتقد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن "قد بالغ هذه المرّة". لكنه في الوقت نفسه يرى أن "شبه جزيرة القرم ضاعت مثلها مثل نزاعات مجمدة أخرى على أطراف روسيا"، على حد تعبيره.
وفي ملف الغاز، وحول البدائل المتاحة أمام الدول الأوروبية حال توقف إمدادات الغاز من روسيا، وما إذا كانت واشنطن قادرة على دعم أوروبا في هذا الاتجاه بالبدائل المناسبة، يشير بولوك، إلى أنه "لا يوجد بديل بسيط لإمدادات الغاز الروسي".
لكنه في الوقت نفسه يشدد على أن قطعاً روسياً لإمدادات الغاز "غير مرجح"؛ لأن ذلك لن ينتج إلا عن غزو أوكرانيا والعقوبات الشديدة والاستجابة الروسية "وكلها غير مرجحة من وجهة نظري".