بالتّزامن مع تولّي فرنسا رئاسة الاتحاد الأوروبي، مطلع العام الجاري 2022 للأشهر الستة المقبلة، يتصدّر ملف مواجهة الإسلام السياسي وتعزيز الجهود الأوروبية لمواجهة التطرف كأولويّة عمل للدول الأعضاء في ضوء استراتيجيّة الاتحاد الشّاملة لمكافحة الإرهاب والتطرّف والتي تم الإعلان عنها في نهاية عام 2020.
وجدّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الحديث حول مشروع بلاده لمواجهة خطر توغّل الإسلام السياسي والانعزاليّة في مناسبات عدة خلال الشهر الجاري، كان أبرزها التصريحات التي أعقبت تولّي بلاده رئاسة الاتحاد والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها في أثناء تلك الفترة.
وحسب رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات جاسم محمد تمثّل رئاسة فرنسا للاتحاد فرصةً سيستخدمها الرئيس إيمانويل ماكرون، بلا شك لدفع أوروبا نحو هدفه المتمثّل في “الاستقلال الاستراتيجي” الأكبر في العالم.
وفي تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، قال محمد إنّ أوروبا خلال الخمس سنوات الماضية راجعت الكثير من سياساتها وتشريعاتها بخصوص ملف مكافحة الإرهاب والتطرّف وتعزيز سُبل المواجهة والترقّب.
وأشار إلى أنّ الدول الأوروبيّة نجحت بالفصل ما بين "حُرّية التعبير عن الرأي" والتطرّف، وأدركت أنّ الإسلام السياسي لا يقلّ خطورةً عن الجماعات المتطرّفة الأخرى بالتوازي مع اليمين المتطرّف، وهذا التشخيص كان دقيقًا من بعض أجهزة الاستخبارات الأوروبية أبرزها الاستخبارات الداخلية الألمانية.
ويتوقّع الخبير الأمني بأن يشهد المُستقبل القريب، إجراءات أوروبية على مستوى وطني وعلى مستوى التكتّل أكثر شدّة، بفرز المنظمات والمراكز الإسلامية التي تدعو إلى نشر التطرف بالوسائل الناعمة، والتخادم بينها وبين بعض الأحزاب السياسية في أوروبا.
ويوضّح محمد أنّ دول أوروبا دخلت مرحلةً جديدةً في محاربة التطرّف والإرهاب، وهذا كان واضحًا بجعل الدول الأوروبية ساحة نظيفة نسبيًّا من الإرهاب، لكنّها ما زالت تعيش تحدّيًا وهو محاربة التطرّف والتطرّف العنيف من الداخل المرتبط في الغالب مع الإسلام السياسي محليًّا في أوروبا.
وتحدّثت دراسة سابقة لجاسم محمد، عن الإجراءات الأوروبية في مواجهة التطرّف، وأوردت أنّ المفوضية الأوروبية كشفت استراتيجية الاتحاد الأمنية الجديدة خلال الفترة مِن 2020 إلى 2025، والتي ركّزت على المجالات ذات الأولويّة حيث يُمكن للاتحاد الأوروبي أن يُحقّق قيمة لدعم الدّول الأعضاء في تعزيز الأمن في أوروبا، مِن مكافحة الإرهاب والجريمة المُنظّمة، إلى منع واكتشاف التّهديدات وزيادة مرونة البنية التحتيّة الحيوية، حتى تعزيز الأمن السيبراني وتعزيز البحث والابتكار.
وحسب الدراسة، يحرص الاتّحاد الأوروبي على تعزيز السياسة الأمنية على أسسٍ أوروبيّة مُشتركة القيم تعتمد على محدّدات هي: احترام ودعم سيادة القانون والمساواة والحقوق الأساسية وضمان الشفافية والمساءلة والرقابة الديمقراطية.
وحسب جاسم محمد فإن الاستراتيجية الجديدة تعمل على اتّخاذ خطوات لتعزيز تشريعات أمن الحدود واستخدام أفضل لقواعد البيانات الموجودة والتعاون مع الدول غير الأعضاء في الاتّحاد الأوروبي والمنظّمات الدولية في الحرب ضد الإرهاب.
ونهاية نوفمبر الماضي، صدر تقرير رسمي عن البرلمان الأوروبي، تحت عنوان "شبكات الإخوان في أوروبا"، تناوَل بشكلٍ مفصّلٍ خريطة التغلغل الإخواني في 10 دول أوروبية، وركّز التقرير على عدة أفكارٍ تمثّل المرجعية الإرهابية لدى التنظيم، وهي مشروع التمكين الإخواني والاختلافات العقائدية ومفهوم الوطنية لدى التنظيم والتمويلات.
واتّهم التقرير، الذي يصدُر بشكلٍ رسمي للمرّة الأولى من جانب البرلمان الأوروبي، بشكلٍ واضحٍ جماعة الإخوان المصنّفة إرهابيّة بتشكيل لوبيات عدائيّة ضد الدول ونشر الفكر المتطرّف واستغلال القوانين والتشريعات لصناعة اقتصاديات ضخمة بغرض توفير منابع تمويل للتنظيم.