كشفت تقارير أميركية عن انسحاب نائب الموفد الخاص للشؤون الإيرانية ريتشارد نيفيو من الفريق المفاوض في فيينا، بسبب خلافات على آلية إدارة المفاوضات، وهو ما أرجعه محللون لسياسة المماطلة من قبل طهران وتساهل إدارة الرئيس جو بايدن.

ووفق صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن نيفيو لم ينسحب وحده، مشيرة إلى أن عضوين آخرين في الوفد تراجعا عن المفاوضات النووية؛ لاختلاف وجهات النظر حول ما إذا كان يجب قطع المفاوضات؛ بسبب تعمّد إيران إطالة أمدها.

وذكرت شبكة "إن بي سي نيوز" أن نيفيو عاد إلى منصب آخر في وزارة الخارجيّة، ونقلت عن شخصين مطّلعين حديثهما عن وجود خلافات بين نيفيو والموفد الخاص للشؤون الإيرانية روبرت مالي، تمحورت حول مسار المحادثات.

ونقل موقع "إذاعة أوروبا الحرة" عن مسؤول في وزارة الخارجية أن "ريتشارد نيفيو أجرى مساهمات مهمّة في الفريق، حيث خدم لقرابة عام، وهو يبقى مع وزارة الخارجية، وأن الانتقالات الشخصية في المناصب أمر شائع خلال العام الأول للإدارة".

اتفاق ميت

من جانبها، ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن ريتشارد نيفيو تنحى عن منصب نائب الموفد الخاص للشؤون الإيرانية وانسحب من الفريق الأميركي الذي يفاوض إيران على العودة للاتفاق النووي لعام 2015؛ لأنه يعتقد أنه "ميت ولا مستقبل له".

وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركي إن "نيفيو غادر منصبه، ويبدو الآن أنه استقال بسبب اختلافه مع سياسة واشنطن المتعلقة بالعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران".

ورجحت الصحيفة أن نيفيو، المعروف بمهندس العقوبات على إيران، يعتقد أن استراتيجية إدارة الرئيس جو بايدن كانت "ضعيفة للغاية"، بينما يسعى المفاوضون لإعادة طهران إلى الاتفاق النووي الذي تم الانسحاب منه خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

ونقلت عن مصادر أنه يعتقد أنه بدلاً من العودة إلى اتفاق 2015، المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، يجب أن تركز الولايات المتحدة على اتفاق آخر، وهذا يضعه في خلاف مع سياسة إدارة بايدن التي تسعى لاستعادة اتفاقية 2015.

وكان المحافظون الأميركيون قد أعربوا مرارا عن معارضتهم للاتفاق، وقالوا: "إن إيران كثيرا ما انتهكت روح الاتفاق، وزرعت الاضطرابات في الشرق الأوسط وتواصل تطوير التكنولوجيا الصاروخية".

كما أعربوا عن مخاوفهم بشأن شروط الآجال المحددة، التي تعني انتهاء بعض القيود النووية بعد 8 و10 و15 عامًا، حيث ستتمكن إيران في النهاية من بناء قدرتها على تخصيب اليورانيوم وتقليص الوقت المطلوب لبناء سلاح نووي.

أخبار ذات صلة

مفاوضات مباشرة بين إيران وأميركا.. ما سر تراجع طهران؟
الرئيس الإيراني: الاتفاق النووي ممكن في حال رفعت العقوبات
بشكل مفاجئ.. واشنطن تعلن استعدادها التفاوض مباشرة مع إيران
جولة ثامنة تضع اتفاق نووي إيران على المحك.. وإسرائيل تتأهب

 ما الأسباب؟

المحلل الإيراني أميد شكري، قال لموقع "سكاي نيوز عربية": "إن ريتشارد نيفو ترك المحادثات؛ بسبب خلاف مع فريق التفاوض الأميركي، حيث إنه يدعو إلى موقف أكثر صرامة في المحادثات النووية في المقابل فإن موقف روبرت مالي متساهل تجاه إيران.

وأضاف شكري كبير مستشاري السياسة الخارجية وأمن الطاقة في مركز "تحليلات دول الخليج" (مقره واشنطن) أنه إذا استمرت المفاوضات بهذه الطريقة مع مرور الوقت ستكتسب إيران المزيد من الخبرة في المجال النووي، وسيكون الوقت الذي ستستغرقه للحصول على سلاح نووي أقصر.

وأشار إلى أنه كلما كان الديمقراطيون في السلطة في الولايات المتحدة، يصبح اللوبي الإيراني أقوى في الولايات المتحدة، وقد دفع السلوك الناعم لإدارة بايدن محاولة طهران عدم إثارة قضية حقوق الإنسان.

وأكد أن انسحاب نيفيو لا يعني أن روبرت مالي سيمنح المزيد من التنازلات لإيران "يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن الكونغرس يراقب أيضًا المحادثات النووية".

وحول تعليق المحادثات، أوضح أنه "يعود إلى إصرار إيران على رفع جميع العقوبات، بينما لا تريد واشنطن الانصياع لمطالب الطرف الآخر".

وتابع: "تريد إيران كسب المزيد من النقاط من الجانب الآخر من خلال إضاعة الوقت، ولكن عاجلاً أم آجلاً سيتعين عليها التفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة".

الأكاديمي الإيراني أحمد هاشمي زاده، قال إنه عندما طرح اسم روبرت مالي لشغل منصب المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون إيران، قوبل اختياره بترحيب إيراني وانتقادات في واشنطن ومخاوف من تساهله وسياساته المهادنة.

وأضاف زاده، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية": "لكن عندما أعلن الرئيس جو بايدن تعيين ريتشارد نيفيو في منصب نائب المبعوث الخاص في وزارة الخارجية الأميركي، حدث العكس، إذ قوبل تعيينه بترحيب واسع في أوساط السياسيين وبصفة خاصة الجمهوريون، واستياء وانتقادات لاذعة في الجانب الإيراني".

وأوضح أن السبب هو سجله الحافل في قيادة سياسة العقوبات ضد إيران بشكل واسع؛ حيث وصفه الإعلام الإيراني بأنه "مهندس العقوبات" وأن تعيينه "دليل على حقد إدارة بايدن".

والجمعة، أعلن الاتحاد الأوروبي توقف المحادثات النووية مع إيران لفترة وجيزة، على أن تُستأنف الأسبوع المقبل.

وكانت محادثات العودة للاتفاق النووي بدأت العام الماضي، لكن رفضت إيران التفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة، وبدلًا من ذلك يضطلع الدبلوماسيون الأوروبيون بمهمة تمرير الرسائل، وأجريت ثماني جولات من المحادثات حتى الآن.