تردّدت أنباء مُتضاربة في السّاعات الأخيرة عن مصير رئيس بوركينا فاسو المخلوع، روك مارك كريستيان كابوري، حيث تحدّثت أخبار عن تهريبه أو تعرّضه لمحاولة اغتيال على يد مُحتجزيه من قادة الانقلاب العسكري في البلاد.
وكشفت مصادر في حزب الرئيس كابوري، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنّ الرئيس المخلوع موجود بعهدة الجيش ويتمتّع بصحةٍ جيّدةٍ، وذلك بعد يومين على الانقلاب العسكري الذي أطاح به، وسط إدانة كبيرة من المجتمع الدولي.
وقال حزب "الحركة الشعبية من أجل التقدّم" (حزب كابوري)، في بيان له، إنّ الرئيس بعهدة الجيش، مشيرًا إلى أنه موضوع قيد الإقامة الجبرية في أحد المقرات الرئاسية، مضيفًا أن الأنباء مطمئنة وتؤكّد أن الرئيس المخلوع بوضع جيّد جسديًّا وهناك طبيب بتصرّفه.
تأتي هذه التصريحات تأكيدًا لما أعلنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء، حيث قال إن كابوري بصحّةٍ جيّدةٍ وليس مهدّدًا.
وأوضح مصدر في الحزب أن كابوري لم يتم توقيفه في الساعات الأولى من تمرّد العسكريين، مضيفًا أن العناصر المقرّبة من كابوري حاولت في بادئ الأمر تهريبه في سيارةٍ عاديةٍ إلى مكانٍ آمنٍ حين كان في منزله الخاص الذي كان محاصرًا بالجنود الانقلابيين.
ومِن المقرر أن تجتمع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، الجمعة، في قمة طارئة لبحث تطورات المشهد في بوركينا فاسو منذ الانقلاب، وقد يخرج الاجتماع بفرض عقوبات على العسكريين الذين أطاحوا بالرئيس روك مارك كريستيان كابوري.
أسباب الانقلاب
يقول الكاتب والمحلل السياسي السوداني، محمد تورشين، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن حركة الانقلاب قُوبلت بحالةٍ مِن الترحيب من الشعب البوركينابي، حيث خرجت المظاهرات المؤيدة للحركة في أنحاء البلاد.
وأضاف تورشين أنّ أسباب الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو ترجع في المقام الأول إلى حالة الانفلات الأمني وزيادة رقعة الهجمات الإرهابية في البلاد، في ظلّ سيطرة الجماعات المسلّحة على مناطق واسعة، في ظلّ تعهد الرئيس المخلوع مارك كريستيان كابوري عقب إعادة انتخابه عام 2020 بالتصدّي للجماعات الإرهابية والقضاء عليها، فضلًا عن تردّي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
وأصبحت السلطة في بوركينا فاسو حاليًّا بيد "الحركة الوطنية للحماية والاستعادة" بقيادة الكولونيل بول هنري سانداوغو داميبا قائد المنطقة العسكرية الثالثة التي تغطي المنطقة الشرقية، وهي واحدةٌ مِن أكثر المناطق تضررًا بالهجمات الإرهابية، وقامت "الحركة الوطنية للحماية والاستعادة" بحل البرلمان والحكومة وتعليق العمل بالدستور، مع إغلاق المجال الجوي والحدود البرية للبلاد.
قبل أن يعود العسكريون المتمرّدون ويُؤكّدون في بيان تم نشره عبر التلفزيون الوطني، أن الحدود الجوية تم فتحها في 25 يناير، مشيرين إلى أن الإجراء يشمل فقط الطائرات التي تنقل بضائع أساسية ومعدّات تلبّي حاجات قوات الدفاع والأمن، حسب ما ذكرت شبكة رؤية الإخبارية.
من جانبه، يقول الكاتب الصحفي من بوركينا فاسو رومان نيبي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هناك العديد من الأسباب التي فاقمت ظاهرة الانقلابات في القارة؛ أبرزها عدم استيعاب الدور الوطني للجيوش، إضافة إلى عدم ممارسة النخب السياسية ما يكفي من العمل الديمقراطي.
وأشار نيبي إلى الفساد الإداري والمالي وظاهرة إبراز الجيوش كحماة للحكومات وليس الدول والأوطان علاوةً على تدخلات الدول الخارجية حماية لمصالحها، مضيفًا أن تزايد ظاهرة الانقلابات في غرب إفريقيا يرجع أيضًا إلى المكايدات المستمرة بين القوى السياسية المحلية ورغبتها في الحكم وإن كان ضد رغبة الشعوب.
استنكار دولي
وقابل المجتمع الدولي الانقلاب في بوركينا فاسو بإدانة شديدة، والذي جاء في أعقاب انقلابَيْن في مالي وغينيا كوناكري، وسط مطالبات بالإفراج الفوري عن الرئيس المخلوع كريستيان كابوري.
من جانبه، حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، من تداعيات فورية على شراكة بروكسل مع بوركينافاسو، في حال عدم عودة الانقلابيين إلى إرساء النظام الدستوري.
كما صدرت إدانات عن غالبية الدول الغربية ومِن دول مجموعة غرب إفريقيا المجاورة لبوركينافاسو، كما أدان الاتحاد الإفريقي الانقلاب في بوركينافاسو، مطالبًا بعودة الرئيس كابوري إلى الحكم والعودة إلى لغة الحوار.
في سياق متصل، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إنّ الانقلابات العسكرية غير مقبولة، مطالبًا العسكريين في دول غرب إفريقيا بالدفاع عن بلدانهم وليس مهاجمة حكوماتهم.
وعلى عكس الاتجاه، قال رجل الأعمال الروسي يفغيني بريغوجين، قريب الصّلة بمجموعة "فاغنر" الروسية التي توجد في عددٍ من الدول الإفريقية، إن زيادة حالات الانقلاب العسكري في دول غرب إفريقيا تُعدّ مُؤشّرًا على أننا أمام حقبةٍ جديدةٍ من إنهاء الاستعمار.
وتشهد بوركينا فاسو منذ عام 2015 دوّامة عنف تنسب إلى الجماعات الإرهابية الموالية لتنظيمَي "القاعدة" و"داعش"، حيث قتل نحو 2000 شخص، بينما أجبرت العمليات الإرهابية نحو 1.5 مليون شخص على الفرار مِن منازلهم خلال السّنوات الأخيرة.