جددت واشنطن تأكيدها على أنها مستعدة لإجراء مفاوضات مباشرة بشكل عاجل مع طهران؛ لإحياء الاتفاق النووي، فيما أعلنت إيران استعدادَها للتفاوض المباشر في حال كان ذلك ضروريًّا، وهو ما عدّه محللون محاولة أميركية لتسريع إيقاع المحادثات في ظل قلق دولي من استمرار نشاطات إيران النووية.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية لوكالة الأنباء الفرنسية، إنّ "الالتقاء بشكل مباشر سيسمح بتواصل أكثر فعاليةً، وهو أمر ملحّ للتوصّل سريعًا إلى تفاهم"، محذرًا من أنّه "لم يعد لدينا وقت تقريبًا للتوصّل إلى تفاهم".
وتأتي الخطوة الأميركية تزامنًا مع إعلان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، أن بلاده مستعدة للتفاوض مع الولايات المتحدة بشكل مشترك حال تطلبت الضرورة ذلك؛ من أجل تحقيق صفقة نووية "جيدة".
تراجع إيراني
المحلل الإيراني أميد شكري قال لموقع "سكاي نيوز عربية": "إن السبيل الوحيد للخروج من هذا الوضع والمأزق هو الحوار المباشر وجهًا لوجه بين إيران والولايات المتحدة؛ فمحادثات إيران مع أعضاء مجموعة 5 + 1 قد فشلت عمليًّا في التوصل لأي اتفاق ينهي القلق الدولي من البرنامج النووي الذي زادت إيران من وتيرته مؤخرا".
وأضاف شكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية وأمن الطاقة في مركز "تحليلات دول الخليج" (مقره واشنطن)، أن "الأيام الأخيرة شهدت إعلان بعض المسؤولين الإيرانيين عن إمكانية إجراء محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة، يبدو أن طهران أعطت الضوء الأخضر لتكثيف المفاوضات مع الولايات المتحدة، لكن اعتقال السياح الفرنسيين في إيران قد يبطئ عملية التفاوض".
وأشار إلى أنه "مساء الثلاثاء، تراجع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي كان معارضًا شديدًا للمفاوضات مع الولايات المتحدة والغرب قبل توليه منصبه في مقابلة تلفزيونية؛ حيث أكد أنه إذا كان الجانب الآخر مستعدًّا لرفع العقوبات عن الشعب الإيراني، فهناك أساس لأي اتفاق".
أبرز الخلافات
وأوضح المحلل الإيراني أنه "من الممكن الوصول إلى اتفاق قصير الأمد ومحدود، لكن إيران تنوي كسب المزيد من الوقت في المفاوضات من خلال إضاعة الوقت".
وحول أبرز الخلافات في المفاوضات الجارية، قال: "سياسة إيران الإقليمية ودعم إيران للجماعات التي تعمل بالوكالة وبرنامج إيران الصاروخي والنووي وبرنامج الطائرات المسيرة كلها من بين أسباب الفشل في التوصل إلى اتفاق في محادثات فيينا".
ماذا حدث؟
رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، محمد محسن أبو النور، قال: إن أميركا كررت أكثر من مرة ضرورة وجود حوار مباشر مع طهران، لكن هناك تغيرات أدت إلى الطلب الأخير.
وأضاف أبو النور، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هناك سببين للطلب الأميركي الأخير بالذهاب لمفاوضات مباشرة؛ الأول هو أن إيران أيضًا أبدت تجاوبًا مع التفاوض المباشر، أما السبب الثاني فهو حالة الانشقاق في الوفد الأميركي التفاوضي حول وجهات النظر ومطالب واشنطن؛ منها الإفراج عن السجناء السياسيين، والأصول الأجنبية في بنوك غير أميركية، وقبول المسودتين الأوَّليَّتين اللتين قدمتهما طهران في الجولة السابعة.
وأوضح أن كل هذه الأمور دفعت الإدارة الأميركية إلى تجديد الطلب بمفاوضات مباشرة؛ عملًا بآلية صيغة جون كيري وجواد ظريف في 2015، حيث إنه لولا التفاوض المباشر آنذاك ما كان حدث الاتفاق؛ حيث كان جو بايدن آنذاك نائبًا للرئيس وهو يميل نحو هذا الحل.
وأشار إلى أن المعضلة الأساسية هي أن أميركا رأت في إيران موقفًا جديدًا برفض أي اتفاق مؤقت، لذلك رأت أن الحل الأنجع هو التفاوض المباشر في ظل تلميحات من طهران بالقبول، منوهًا إلى أنه قد "تكون هناك قنوات تواصل سرية غير معلن عنها غير تلك الموجودة في فيينا".
وتوقّع المحلل السياسي أن تشهد الفترة المقبلة لقاءً مباشرًا على مستوى أقل من الوزير أو على مستوى الخبراء أو نواب الوزراء في المدى القريب بين طهران وواشنطن.
مأزق خطير
والثلاثاء، قالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس: إن محادثات فيينا لإنعاش الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بين القوى الغربية وإيران، تقترب من "مأزق خطير".
وأضافت تراس، في كلمة أمام البرلمان البريطاني، أن "هذه المفاوضات عاجلة والتقدم الذي تحرزه ليس سريعًا بالقدر الكافي.. نواصل العمل بشراكة وثيقة مع حلفائنا، لكن المفاوضات بدأت تصل إلى مأزق خطير".
وتابعت: "على إيران أن تختار الآن ما إذا كانت ترغب في إبرام اتفاق أو أن تكون مسؤولة عن انهيار الاتفاق النووي، ولو انهار الاتفاق النووي، فستكون كل الخيارات مطروحة على الطاولة".
ومنذ أشهُر، تخوض طهران والقوى التي لا تزال منضويةً في اتفاق العام 2015، مفاوضات تهدف إلى إحياء الاتفاق الذي انسحبت منه الولايات المتحدة أحاديًّا في العام 2018، معيدةً فرض عقوبات على طهران، وهو ما دفع الأخيرة للتراجع عن التزامات أساسية كانت مُدْرجة فيه.
وتشارك واشنطن بشكل غير مباشر في المباحثات، ويتولى الأطراف الباقون في الاتفاق؛ أي روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافةً إلى الاتحاد الأوروبي، تنسيق المواقف بين المفاوضين الإيرانيين والأميركيين.
ورفضت طهران مرارًا إجراء مباحثات مباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا، معللةً ذلك بأن واشنطن لم تعد طرفًا في الاتفاق.