أعلن رئيس القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا "أفريكوم" الجنرال ستيفن تاونسند، وجود المئات من مجموعة "فاغنر" الروسية المثيرة للجدل في مالي.
وأضاف رئيس "أفريكوم" في تصريحات صحفية، أن "عناصر فاغنر ينتشرون بدعم من الجيش الروسي، وتنقلهم طائرات تابعة لسلاح الجو الروسي"، رابطا بذلك المجموعة مباشرة بالكرملين، وهو ما تنفيه موسكو.
يأتي ذلك في الوقت الذي خرج به عشرات الآلاف من الماليين في مسيرات تجوب العاصمة باماكو، تنديدا بالوجود الفرنسي العسكري في بلادهم، والمطالبة برحيل قوة "برخان" وتعويضها بالجيش الروسي أو بمجموعة "فاغنر".
وكشفت مصادر لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "مواطنين من مالي شاهدوا الجنود الروس يتجولون داخل مركبات عسكرية في مدينة تمبكتو شمالي البلاد، التي كانت قد انسحبت منها القوات الفرنسية في ديسمبر الماضي".
وأصبحت مالي في الفترة الأخيرة منطقة تنافس كبير بين فرنسا وروسيا، لا سيما مع إعلان باريس نهاية عملية "برخان" العسكرية في منطقة الساحل الإفريقي، واتجاه حكومة باماكو إلى الاستعانة بالبديل الروسي لتعويض الغياب الفرنسي، في سعيها لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في هذه المنطقة.
وقالت المنسق العام لمركز "فاروس" للاستشارات والدراسات الاستراتيجية نرمين توفيق لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "التنافس الفرنسي الروسي في إفريقيا يؤرق القارة بأكملها، فالقوى الخارجية عادة ما تتدخل وفق أجندتها الخاصة ومصالحها، وليس لمصلحة الدول الإفريقية".
وأشارت توفيق إلى أن "الاستراتيجية الروسية في إفريقيا شهدت تحولا كبيرا خلال الفترة الماضية، فبعد أن كانت أهدافها اقتصادية وتجارية تطرقت إلى الجانب السياسي، وأصبحت موسكو تلعب دورا ملحوظا في إفريقيا وتفرض نفسها بديلا لفرنسا".
وفي الوقت ذاته، تعهدت فرنسا بإعادة تنظيم وجودها العسكري في منطقة الساحل، لا سيما من خلال إخلاء قواعدها الثلاث في أقصى شمال مالي، لتركيز قواتها قرب الحدود مع كل من النيجر وبوركينا فاسو.
وكانت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي، قد قالت إنه "يتعين على فرنسا إيجاد طريق لمواصلة مكافحة الإرهابيين في غرب إفريقيا"، وذلك في ظل الأزمة المفتوحة مع المجلس العسكري في مالي، مضيفة أن "الوضع الأمني في منطقة الساحل لا يزال صعبا، وهو الآن معقد بسبب الوضع السياسي غير المواتي في مالي، ونشر عناصر من شركة فاغنر الروسية".
ومن خلال مشاركتها العسكرية بقوة في منطقة الساحل مع دول مجموعة الخمس (مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد وموريتانيا)، تؤكد فرنسا أهمية التعاون مع دول غرب إفريقيا في مكافحة الإرهاب.
وتابعت الوزيرة الفرنسية: "أكثر من أي وقت مضى، لدينا مسؤولية نتحملها تجاه هذه البلدان، وكذلك تجاه جميع الشركاء، خاصة الأوروبيين الذين ينخرطون معنا في منطقة الساحل".
وقال الكاتب والمحلل السياسي المالي عبد الله ميغا لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "حكومة باماكو أصبحت بحاجة ملحة إلى دعم دولي لمواجهة الكيانات الإرهابية، لا سيما بعد إعلان فرنسا نهاية عملية برخان العسكرية في مالي والساحل الإفريقي".
وأوضح ميغا أن "إخلاء القوات الفرنسية القواعد العسكرية شمال شرقي البلاد لا يعد انسحابا، لكنه إعادة تمركز في وسط وجنوب البلاد قرب منطقة المثلث الحدودي الواقع بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، لا سيما بعد أن نقلت الجماعات الإرهابية مسرح عملياتها إلى هذه المنطقة".
وكانت فرنسا قد قررت خفض عدد قواتها في مالي من 5 آلاف عسكري حاليا، إلى ما بين 2500 و3000 بحلول عام 2023.
وتسببت هذه الخطوة في تدهور العلاقات بين باريس وباماكو، وزادت حدة التوتر بعد خطاب رئيس وزراء مالي شوغل كوكالا مايغا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي اتهم فيه فرنسا بالتخلي عن بلاده في منتصف الطريق بقرارها سحب قوة "برخان"، مبررا بذلك بحث بلاده عن "شركاء آخرين"، من بينهم شركات خاصة روسية.