أعلن رئيس دولة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، عن إنشاء مفوضية "الحقيقة والمصالحة والتعافي" نهاية الشهر الجاري، وسط آمال بالدولة التي ولدت من رحم ويلات حرب أهلية، في تضميد الجراح وبدء مرحلة تعافي البلاد.
ونص الفصل الخامس في اتفاق السلام المنشط عام 2018 على إنشاء مفوضية الحقيقة والمصالحة؛ للنظر في قضايا العدالة الانتقالية والمساءلة والمصالحة والتعافي الاجتماعي.
ودعا سلفا كير، في خطاب بمناسبة العام الجديد، المواطنين إلى تبني خارطة الطريق التي وضعتها وزارة العدل والشؤون الدستورية فيما يتعلق بالمفوضية، كاشفاً أن اللجنة، التي تعمل على الإشراف والتنسيق لتنفيذ الفصل الخامس والفصل السادس "الإصلاح القضائي"، ستقوم بتحديد الشركاء الدوليين المعنيين الذين يساعدون في إنشاء هيئة التعويضات.
لا حرب مجددًا
وقال سلفا كير إنه تم إحراز تقدم كبير في تنفيذ اتفاقية السلام، على الرغم من الصعوبات والتحديات، في إشارة إلى التزام الأطراف بوقف إطلاق النار.
وتابع: "المسلحون المجهولون الذين اعتادوا على ترويع المواطنين في جوبا، أصبحوا الآن غير موجودين، وتتواجد قوات الحكومة والحركات المعارضة المسلحة، في مواقع التجميع ومراكز التدريب معًا لأكثر من عامين، دون وقوع أي حوادث كبيرة ما يعد إنجازًا".
وأوضح أن "القوات الموحدة عند تخرجها، لن تكون جيشًا مملوكًا لحزب سياسي، ستكون قوة محترفة، ومهمتها الدفاع عن أراضي جنوب السودان وشعبه وممتلكاتهم، وستعمل كضامن للاستقرار السياسي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في جنوب السودان."
وأكد سلفاكير أن أولويات الحكومة هي تنفيذ السلام، والإصلاحات الاقتصادية، وبناء الطرق، "بغض النظر عن التحديات، نؤكد لكم مرة أخرى من خلال هذا العام لن أعيدكم إلى الحرب مجددًا".
خطوة مهمة
الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية، صالح محيي الدين، قال إنها خطوة مهمة تأخرت كثيرًا لمعالجة تركة الانتهاكات الجسيمة في جنوب السودان خلال سنوات الحرب، وتقدم مصالحة حقيقية وتضمد الجراح.
وأضاف محيي الدين لموقع "سكاي نيوز عربية": "إذا أرادت حكومة جنوب السودان الحفاظ على مصداقيتها، فيجب أن يترجم الخطاب السياسي إلى نتائج ملموسة وحقيقية".
وأشار إلى أن تأخير إنشائها رغم أنها أحد فصول الاتفاق المنشط يعني أن الأسباب والدوافع الكامنة للصراع، بما في ذلك التنافس على الموارد والسيطرة على الأراضي والنفوذ السياسي، استمرت في تأجيج الصراعات المحلية والفساد المستشري والجرائم الاقتصادية في جنوب السودان.
وأكد أن التأخير حرم شعب جنوب السودان من فرصة تحقيق سلام مستدام؛ لأن غياب المساءلة والتعويض، يقوض نسيج المجتمع، ويولد الاستياء، ويؤخر آفاق المصالحة وتضميد الجراح.
ضرورة تفعيل دورها
وأشار إلى ضرورة تفعيل دورها، وأن تكون هناك مصالحة حقيقية، وألا تكون إجراءً شكليًّا لتنفيذ بنود الاتفاق، داعيًا إلى العمل على تكريس ثقافة الحوار ونبذ خطاب الكراهية، وتجنب استخدام العنف كوسيلة لحل الخلافات؛ لتحقيق السلام والمصالحة في جنوب السودان.
وشهدت دولة جنوب السودان التي انفصلت عن دولة السودان عام 2011، حربًا أهلية انطلقت في 2013 حين اتهم الرئيس سلفاكير ميارديت نائبه السابق رياك مشار بتدبير انقلاب ضده.
غير أن اتفاق السلام الموقع في سبتمبر عام 2018، نجح في إحداث تراجع كبير للمعارك دون أن تتوقف بشكل كامل.
وتضمنت اتفاقية السلام تكوين مفوضية قومية للسلام والمصالحة بناء على تقرير اللجنة التي كوّنها الاتحاد الأفريقي برئاسة الرئيس النيجيري الأسبق أوباسانغو، للتقصي حول الأحداث التي شهدتها جنوب السودان في 2013، مهمتها تقليل الهوة بين العرقيات المختلفة في جنوب السودان، ومعالجة الآثار الاجتماعية والنفسية التي خلفتها الحرب في البلاد.