أكد المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أن عام 2022 سيكون عام انفتاحات إقليمية جديدة، وسيشهد تسارعا في خطوات تحسين العلاقات مع العديد من الدول، ما عده محللون استكمالا لما بدأته أنقرة في 2021 من تصفير عدَّاد المشكلات مع دول المنطقة، وإنهاء التوتر في الملفات الإقليمية.
وأضاف قالن: "لا نترك أي يد ممدودة لنا معلقة في الهواء، ونخطو خطوتين نحو كل من يخطو خطوة ودية تجاهنا، ونحرص على تجاوز الأزمات والتوترات المرحلية، والإقدام على خطوات تحسين جديدة".
وأوضح أن "الخطوات التي أقدمنا عليها مؤخرا مع مصر والإمارات تأتي في هذا الإطار، ويمكن أن يتبع ذلك خطوات أخرى"، مؤكدا أن "هذه الخطوات تسهم في المصالح القومية لتركيا ورؤيتها الإقليمية والسلم العالمي".
وأشار إلى أن "عام 2022 ستستمر فيه التأثيرات العالمية للعامين الماضيين، لكن تركيا ستزيد من فرصها وقدراتها في كل مجال، في حين تواصل تعزيز علاقات تحالفها.. سياسة التوازن هذه ستقوي أيدينا في حل الأزمات".
وعلى مدار العامين الماضيين، تجتهد أنقرة في محاولة القفز على الخلافات التي تسببت فيها سياساتها بالشرق الأوسط، بعد أحداث ما يسمى "الربيع العربي".
زيارة للسعودية
وعلى هامش حدث تجاري في إسطنبول، الاثنين الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنه سيزور السعودية خلال شهر فبراير المقبل، وهو نفس الشهر الذي حدده سابقا لزيارة الإمارات.
وفي مايو الماضي، زار وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو السعودية، وسط مساعٍ تركية لإصلاح العلاقات مع محيطها الإقليمي.
وقبل أسابيع، استقبل أردوغان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات، الشيخ محمد بن زايد في أنقرة.
وتكللت الزيارة بإعلان إماراتي عن إنشاء صندوق استثمار بعشرة مليارات دولار، لدعم الاقتصاد التركي.
العلاقات مع إسرائيل
كما قال الرئيس التركي، أخيرا، إن بلاده ستتخذ خطوات تقارب مماثلة مع مصر وإسرائيل، بعد المحادثات مع الإمارات، كما أكد في مناسبة أخرى أن تركيا ستفعل "كل ما يلزم" لتوطيد العلاقات مع دول الخليج.
وأكد أردوغان مرارا أن أنقرة ترغب في إقامة "علاقات أفضل" مع تل أبيب، مؤكدا أن المحادثات على المستوى الاستخباراتي مستمرة بين الجانبين.
وردا على سؤال حول مدى إمكانية تعيين سفيرين لتركيا في مصر وإسرائيل، أجاب أردوغان: "بعد أن اتخذنا قرارنا بالفعل، سنكون بالطبع في وضع يسمح لنا بتعيين سفراء في غضون فترة زمنية معينة".
وأضاف: "هناك بعض الخطوات التي تم اتخاذها كقائم بالأعمال. لا يوجد سفير ولكن يوجد قائم بالأعمال. سوف نتخذ هذه الخطوات تدريجيا ضمن تقويم معين".
ومنذ العام الماضي تحركت تركيا للتقارب مع مصر، وعقد الطرفان جولات محادثات استكشافية، في أنقرة والقاهرة، لم تسفر عن الوصول إلى استعادة كاملة للعلاقات.
وظل الفتور يطبع العلاقات السياسية التركية المصرية على مدى السنوات الماضية، رغم استمرار التعاون الاقتصادي بين البلدين.
تحسن العلاقات مع أرمينيا
وبعد نحو ثلاثة عقود من القطيعة، تتجه تركيا وأرمينا نحو العلاقات الدبلوماسية، حيث عيّنت أنقرة سفيرها السابق في واشنطن ممثلا خاصا لتحسين العلاقات مع أرمينيا، في خطوة تلاها إعلان الخارجية الأرمينية تعيين ممثل خاص من أجل تطبيع العلاقات مع تركيا.
ونهاية الشهر الماضي، أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، أن الصراع الأرميني التركي في القوقاز يقترب الآن من نهايته.
وفي خريف 2020، تصاعد التوتر بين البلدين بسبب النزاع العسكري بين أرمينيا وأذربيجان بشأن إقليم ناغورنو كاراباخ، حيث دعمت أنقرة حينها حليفتها باكو.
وتوقفت المعارك بعد إبرام اتفاق على وقف الأعمال القتالية برعاية موسكو، ليكرس ذلك هزيمة عسكرية لأرمينيا، ومكاسب ميدانية كبيرة لباكو.
وبموجب الاتفاق، تنازلت أرمينيا عن مساحات من الإقليم خسرتها خلال المعارك، إضافة إلى سبع مناطق محاذية كانت قد سيطرت عليها خلال الحرب السابقة في التسعينيات.
وثمة من يرى أن حظوظ التوصل إلى اتفاق بين أنقرة ويريفان، باتت أكبر من أي وقت مضى، بعد انتهاء الاحتلال الأرميني للأراضي الأذرية، وهي الأسباب التي من أجلها قطعت تركيا علاقاتها مع أرمينيا عام 1993، وأغلقت حدودها البرية معها، دعمًا لحليفها الأذري، الذي لم يعد معترضا على هذا التقارب كما كان عليه الحال في عام 2009.
استمرار تحسين العلاقات
عبدالله أيدوغان، الكاتب والمحلل السياسي التركي، قال إن تركيا في 2022 ستستمر في تحسين علاقاتها مع دول الجوار، خاصة الدول العربية، مؤكدا أن العلاقات التركية الخليجية ركيزة مهمة لاستقرار المنطقة، وما يحدث هو نقلة جديدة تفتح آفاقًا أرحب لشراكة أوسع.
وأضاف أيدوغان، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن المرحلة الأولى بدأت مع الإمارات، وستكون الخطوة الثانية مع السعودية، حيث متوقع تبادل الزيارات قريبا لتصل إلى قادة الدول، تليها توطيد العلاقات مع مصر التي بدأت بالفعل عبر مباحثات استكشافية من الجانبين.
وأشار إلى أن عودة تركيا إلى محيطها العربي ستعود بالإيجاب على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية، فدول الخليج أكبر حليف لتركيا تجاريا، وتوطيد العلاقات معها يسهم في زيادة الاستثمارات، ويعزز الاقتصاد بين الجانبين.
4 أسباب
كرم سعيد، خبير الشؤون التركية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال إن هناك عدة أسباب تدفع تركيا لاستمرار سياسة الانفتاح الإقليمي؛ أبرزها تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية وحاجة تركيا إلى جذب مزيد من الاستثمارات.
وأضاف سعيد، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الأمر الثاني مرتبط بمحاولة استيعاب الضغوط الغربية في ظل علاقات متوترة مع أميركا، وكذلك تقرير المفوضية الأوروبية الأخير بتجميد التفاوض حل العضوية مع تركيا.
وأشار إلى أن الأمر الثالث هو تزايد نفوذ إيران بالمنطقة، وخشية أن يؤثر ذلك على مصالح تركيا وانعكاساته عليها، فيما اعتبر أن السبب الأخير هو أن أنقرة تسعى لموازنة النفوذ الروسي في منطقة آسيا الوسطى والقوقاز، بعد نجاحاتها في مساندة أذربيجان في حربها ضد أرمينيا.