تجوب موجات الفيضانات والسيول المدمرة العالم من أقصاه لأقصاه، فبعد كندا والولايات المتحدة والفلبين وماليزيا، ها هي تحط رحالها في أميركا الجنوبية وتحديدا في البرازيل، التي تضربها منذ أيام هطولات مطرية غزيرة، وفيضانات عاتية أسفرت عن مئات القتلى والجرحى وعشرات الآلاف من النازحين.
وارتفعت حصيلة الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة في ولاية باهيا شمال شرق البرازيل إلى 20 قتيلا وأكثر من 350 مصابا و63 ألف نازح، حسبما أعلنت السلطات المحلية، وسط توقعات بارتفاع الحصيلة.
وقال حاكم الولاية المنكوبة روي كوستا، الذي يشرف على عملية إنقاذ تديرها أجهزة الولاية، بالاشتراك مع الحكومة الفيدرالية البرازيلية وولايات أخرى: "نعيش أكبر كارثة في تاريخ باهيا".
وازداد الوضع تعقيدا بسبب الأمطار التي هطلت على المنطقة طيلة الساعات الماضية، حيث تأثر أكثر من 430 ألف شخص بهذه الظروف الجوية وفقا للتقديرات.
وارتفع عدد البلدات التي أعلنت حالة الطوارئ إلى 72، بينها 58 بلدية تعاني من أزمات شديدة بسبب الفيضانات.
هذا وتجري عملية مشتركة بين حكومة ولاية باهيا والحكومة الفيدرالية، بمشاركة أفراد ومروحيات ومعدات لإغاثة آلاف السكان المحاصرين، بسبب الفيضانات، بالتعاون مع ولايات أخرى مثل ميناس جيرايس وإسبيريتو سانتو وساو باولو.
وبحسب المصادر الحكومية في مدينة سالفادور عاصمة الولاية المنكوبة، فإن معدل هطول الأمطار خلال شهر ديسمبر الجاري بلغ 5 أضعاف معدل الأمطار العادي، ما يفسر بحسب خبراء المناخ ما حل بالولاية من كارثة جراء هذه الهطولات العاتية، التي تسببت في خسائر بشرية ومادية كبيرة، لدرجة تدميرها سدودا في بعض مناطق الولاية، ما ساهم في مضاعفة خطورة الوضع.
وتعليقا على تصاعد حدة الفيضانات والسيول المدمرة حول العالم، قال الخبير المناخي، دارا حسن، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية": "طيلة الأسابيع القليلة الماضية، شهد العالم فيضانات وأعاصير خلفت دمارا هائلا، وأزهقت أرواح آلاف الناس، وتسببت بخسائر بمليارات الدولارات، وهذا كله بمثابة إنذار لنا من أن تداعيات تغيرات المناخ المتطرفة، بدأت تترجم بطريقة فتاكة وبشكل غير مسبوق".
وأضاف حسن: "لا أحد بمنأى عن الخطر المناخي الذي يضرب كافة البلدان سواء كانت غنية أم فقيرة، وعليه فالحري بمختلف الدول والمنظمات الأممية المعنية، بلورة برامج وخطط لمواجهة تأثيرات التغير المناخي العاصفة، التي باتت واقعا".
وتبدو فيضانات البرازيل مشابهة في مسبباتها لفيضانات كندا قبل أسابيع، كما يشرح الخبير المناخي، والذي يوضح قائلا: "حيث أن الأنهار الجوية التي ينجم عنها موجات هطول ضخمة تتسبب بطبيعة الحال في تشكل سيول وفيضانات شديدة التدمير، إذ تعجز أنظمة التصريف والبنى التحتية عامة عن استيعاب زخم تلك الهطولات".
والأنهار الجوية عبارة عن ممرات طويلة وضيقة في الغلاف الجوي لنقل بخار الماء المكثف، وتتواجد في طبقة "التروبوسفير"، حيث تضاهي كمية المياه المتدفقة عبرها أكبر أنهار العالم الجارية على الأرض.
جدير بالذكر أن العالم سجل في عام 2021 رقما قياسيا في أعداد الكوارث، التي تسببت ظاهرة التغير المناخي في عدد كبير منها، وسط توقعات بحدوث المزيد منها في المستقبل المنظور.