صار لافتاً توسع تنظيم داعش الإرهابي في استخدام الطائرات المسيرة بدون طيار، كاستراتيجية جديدة، حذر منها مؤخراً مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، والذي رصد تغييراً في استراتيجية تنفيذ الهجمات الإرهابية للتنظيم في الفترة الأخيرة.
ويقوم تنظيم داعش باستخدام تلك الطائرات بشكل أوسع "لكونها وسيلة سهلة تتيح للإرهابيين عموماً على اختلاف انتمائهم التنظيمي تنفيذ هجمات إرهابية في العمق.
وأشار التقرير إلى توظيف التنظيم تلك الأداة أيضاً في استهداف شبكات الكهرباء ومحطات توليد الكهرباء، وقد نشر داعش أخباراً تفصيلية عن كيفية تنفيذ عناصره لعمليات تفجير أبراج الضغط العالي عبر منصاته الإعلامية المختلفة، وذلك ضمن الاستراتيجية الجديدة التي يعمل عليها.
وتعتبر الطائرات المسيرة بدون طيار سلاحاً ذو حدين؛ لجهة إمكانية توظيفها في عمليات مكافحة الإرهاب وغيرها من الأهداف السلمية، بينما تعتبر في الوقت نفسه آداة سهلة الامتلاك والتوظيف بالنسبة للتنظيمات الإرهابية، من أجل القيام بعمليات خاطفة في العمق عادة ما تكون مؤثرة وغير مكلفة، في ظل ما تواجهه تلك التنظيمات من صعوبات بعد الضربات القاصمة التي تلقتها.
عوامل الخطر
ولفت المفكر العسكري والاستراتيجي المصري اللواء سمير فرج، مدير إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة المصرية سابقاً، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أبرز العوامل التي تدفع التنظيمات الإرهابية لهذا التوجه، وذلك بالنظر إلى اعتبار الطائرات بدون طيار "سلاح فعّال" في الفترة الأخيرة له مزايا عديدة.
ويُعدد تلك السمات والمزايا في أنها أولاً قليلة التكلفة، علاوة على أن التكنولوجيا الخاصة بها بسيطة وليست معقدة، ولا تحتاج إلى طيارين يتم تدريبهم لسنوات، كما يمكنها الانطلاق من أي مكان مفتوح، علاوة على تأثيرها الكبير على الهدف الذي تستهدفه، فضلاً عن تأثيراتها المعنوية الشديدة، وبالتالي هي تمثل سلاحاً سهلاً في أيدي تلك التنظيمات.
وبالنظر إلى الضربات القاصمة التي تلقتها التنظيمات الإرهابية خلال الفترات الأخيرة، وفقدان بعضها إلى قوامها الرئيسي في بعض البلدان مع قلة الإمدادات والتمويل، فإن تلك التنظيمات تسعى لاقتناء أسلحة ذات تأثير قوي وتكلفة أقل للقيام بعمليات خاطفة.
ويشير فرج إلى أن الطائرات بدون طيار أصبحت هي الوسيلة السهلة في أيدي التنظيمات الإرهابية، لا سيما أن مسألة صناعتها وإطلاقها أصبحت بسيطة، حتى أنها في بعض الأحيان تصل مفككة ثم يتم تركيبها، وعادة ما تكون لها تأثيرات شديدة، وتمثل مشكلة كبرى تقاسي منها عديد من الدول.
ويعتقد المفكر الاستراتيجي المصري بأن "العلم العسكري يقوم بمجهود كبير من أجل التصدي للطائرات المسيرة بدون طيار، لأنها أصبحت أحد أخطر أسلحة العصر الحديث، خاصة بالنسبة لامتلاك التنظيمات الإرهابية لها".
وتعمل التنظيمات الإرهابية من خلال استخدام المسيرات على توسيع نطاق الأهداف الاستراتيجية لها.
ورصد تقرير صادر قبل أسابيع عن مؤسسة ماعت للسلام والتنمية بالقاهرة، مقتل خمسة آلاف مدني جراء الطائرات بدون طيار خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وبيّن تقرير صادر عن المؤسسة مخاطر تمادي الجماعات الإرهابية والمسلحة في الاعتماد على هذه الطائرات.
مزايا ومخاطر
بدوره، يشير المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أن الطائرات المسيرة بدون طيار تتمتع بصفات في منتهى الأهمية والخطورة في آن واحد؛ ذلك أن هذه الطائرة من الممكن أن تكون بحجم كف اليد مثلما نرى الآن، ومن الممكن أن تطير في أي وقت وأي مكان، وتصور تصويراً كاملاً وتنقل كل الصور التي تراها للمستقبل الذي يستقبلها، بخلاف سهولة التحكم فيها.
ويلفت في الوقت نفسه إلى أن خطورتها أيضاً تكمن في كونها قد تحمل متفجرات، ويتم توجيه تلك المتفجرات ضد أي شخص أو هدف بسهولة.
ويشبه دقتها بدقة "جراحة المناظير"، على اعتبار أنها تستطيع تحديد الهدف واستهدافه بشكل سلس، ما يعزز من خطورتها. ويؤكد في الوقت نفسه أن الخطورة الأكبر تكمن في امتلاك التنظيمات الإرهابية لتلك الأدوات الخطيرة، لا سيما أن تصنيعها لا يحتاج تكنولوجيا عالية، حتى أن الطلاب في كليات الهندسة يستطيعون تصنيعها.
ويشير الخبير العسكري المصري في الوقت نفسه إلى أن امتلاك التنظيمات الإرهابية طائرات مسيرة بدون طيار أمر في منتهى الخطورة، موضحاً أنه مع تلك الخطورة يتعين أن تكون هناك ضوابط للتقنين والمواجهة.